وقد انقدح من ذلك : أنّ النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه في الحقيقة إنّما يكون في أنّ القضيّة الشرطيّة أو الوصفيّة أو غيرهما هل تدلّ بالوضع أو بالقرينة العامّة على تلك الخصوصيّة المستتبعة لتلك القضيّة الاخرى أم لا؟ (١)
__________________
(١) والحاصل : أنّ النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه ليس في حجّيّة المفهوم بعد الفراغ عن ثبوته كي يكون بحثا كبرويّا ، بل النزاع في أصل وجود المفهوم وعدمه ، فيكون البحث صغرويّا ، بأن يبحث عن إثبات خصوصيّة المعنى المستلزمة للحكم غير المذكور وأنّ المنطوق ـ كالجملة الشرطيّة ـ هل يدلّ على تلك الخصوصيّة بالوضع أو بالقرينة العامّة فيثبت المفهوم ، أو لا يدلّ عليها فلا يثبت المفهوم؟
ولا يخفى : أنّه يمكن أن يقال : إنّ مسألة المفاهيم من المسائل العقليّة ، لأنّ المفهوم حكم غير مذكور اريد من اللفظ لأجل خصوصيّة المعنى ، بمعنى أنّ خصوصيّة المعنى يرشدنا إليه ، من دون أن يدلّ اللفظ عليه ، بل اللفظ إنّما يدلّ على المعنى المنطوقيّ المتشخّص بتلك الخصوصيّة.
وهذا هو الظاهر من كلمات المصنّف رحمهالله حيث قال : «يستتبعه خصوصيّة المعنى» ، وقال أيضا : «بتلك الخصوصيّة كانت مستلزمة لها».
وذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ المسألة من المسائل اللفظيّة. والمفهوم عبارة عن معنى التزاميّ يدلّ اللفظ عليه بالدلالة الالتزاميّة بالمعنى الأخصّ. فوائد الاصول ٢ : ٤٧٧.