القلب (١) ، كما هو الحال في التّجرّي والانقياد ، فافهم.
هذا مع أنّه لو لم يكن النهي فيها دالّا على الحرمة لكان دالّا على الفساد ، لدلالته على الحرمة التشريعيّة (٢) ، فإنّه لا أقلّ من دلالته على أنّها ليست بمأمور بها وإن عمّها إطلاق دليل الأمر بها أو عمومه.
نعم ، لو لم يكن النهي عنها إلّا عرضا ، كما إذا نهي عنها فيما كانت ضدّ الواجب ـ مثلا ـ لا يكون مقتضيا للفساد ، بناء على عدم اقتضاء الأمر (٣) بالشيء للنهي عن الضدّ إلّا كذلك ـ أي عرضا ـ ، فيخصّص به أو يقيّد (٤).
__________________
(١) فإنّ التشريع عبارة عن البناء القلبيّ على جعل الحكم ، والعمل إنّما يكشف عن ذلك البناء ، فلا وجه لتحريمه.
(٢) توضيحه : أنّ النهي عن العبادة يدلّ على عدم الأمر بالعبادة ، فلا يجوز الإتيان بها بعنوان أنّها مأمور بها ، وإلّا يلزم التشريع المحرّم ، وحرمة التشريع كاف في الفساد.
(٣) وفي بعض النسخ : «عدم الاقتضاء للأمر».
(٤) فحاصل مختار المصنّف رحمهالله في النهي عن العبادة أنّه يقتضي فساد العبادة فيما إذا تعلّق بنفس العبادة أو وصفها الملازم لها.
وأمّا جزؤها : فالنهي عنه لا يقتضي فساد العبادة إلّا إذ اقتصر المكلّف عليه في مقام الامتثال ، فحينئذ بطلت العبادة من جهة كونها فاقدة للجزء.
وأمّا شرطها : فإن كان عبادة فالنهي عنه موجب لفساده المستلزم لفساد المشروط به ، وإلّا فلا يقتضي فساد العبادة المشروطة به.
وتبعه في المقام السيّد المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٥ : ١٤ ـ ٢٦ و ٥٢.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ النهي عن العبادة ـ سواء تعلّق النهي بنفس العبادة أو بجزئها أو بشرطها ـ يقتضي فساد العبادة إلّا إذا تعلّق النهي بوصفها الّذي يغايرها وجودا. فوائد الأصول ٢ : ٤٦٤ ـ ٤٦٦.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى أنّ النهي تارة يكون تحريميّا نفسيّا متعلّقا بعبادة ، فلا شبهة في اقتضائه الفساد عقلا ؛ واخرى يكون تنزيهيّا نفسيّا ، فمع بقائه على تنزيهيّته ودلالته على مرجوحيّة متعلّقه لا يجتمع مع الصحّة ؛ وثالثة يكون غيريّا ، فلا يقتضي الفساد ؛ ورابعة تعلّق بجزء العبادة أو شرطها أو وصفها الملازم أو المفارق ، فلا يقتضي الفساد مطلقا. مناهج الوصول ٢ : ١٦٠ ـ ١٧١.