له بسوء الاختيار. ولا يكاد يكون مأمورا به ـ كما إذا لم يكن هناك توقّف عليه (١) أو عدم الانحصار به (٢) ـ وذلك ضرورة أنّه حيث كان قادرا على ترك الحرام رأسا (٣) لا يكون عقلا معذورا في مخالفته فيما اضطرّ إلى ارتكابه بسوء اختياره ، ويكون معاقبا عليه ـ كما إذا كان ذلك بلا توقّف عليه أو مع عدم الانحصار به ـ.

ولا يكاد يجدي توقّف انحصار التخلّص عن الحرام به (٤) ، لكونه بسوء الاختيار (٥).

إن قلت : كيف لا يجديه ، ومقدّمة الواجب واجبة؟

قلت : إنّما تجب المقدّمة لو لم تكن محرّمة ، ولذا لا يترشّح الوجوب من الواجب

__________________

(١) لا يخفى : أنّه لا توقّف هاهنا حقيقة ، بداهة أنّ الخروج إنّما هو مقدّمة للكون في خارج الدار ، لا مقدّمة لترك الكون فيها الواجب لكونه ترك الحرام. نعم ، بينهما ملازمة ، لأجل التضادّ بين الكونين ووضوح الملازمة بين وجود الشيء وعدم ضدّه ، فيجب الكون في خارج الدار عرضا لوجوب ملازمه حقيقة ، فتجب مقدّمته كذلك. وهذا هو الوجه في المماشاة والجري على أنّ مثل الخروج يكون مقدّمة لما هو الواجب من ترك الحرام ، فافهم. منه [أعلى الله مقامه].

(٢) هذا الضمير وضمير «عليه» يرجعان إلى «ما اضطرّ إليه» ، كالخروج من الدار.

وحاصل مختاره : أنّ المضطرّ إليه لا يكون مأمورا به كما لا يكون منهيّا عنه بالنهي الفعليّ ، وإن كان منهيّا عنه بالنهي السابق الساقط فعلا للاضطرار إليه. ولكن يعاقب عليه ، لأنّ العقل يحكم باستحقاقه العقاب ، حيث كان قادرا على ترك الخروج الحرام بترك الدخول في الدار.

وتبعه السيّد المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٤ : ٣٦٧.

(٣) فإنّه كان قادرا على عدم الدخول في الدار المغصوبة.

(٤) تعريض للشيخ الأنصاريّ ، حيث استدلّ على كون الخروج مأمورا به بأنّه لا سبيل للتخلّص عن الغصب إلّا الخروج ، والتخلّص عن الغصب واجب ، فالخروج واجب. مطارح الأنظار : ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٥) فإنّ الاضطرار الناشئ عن سوء الاختيار لا يرفع مبغوضيّة الخروج ، لأنّ العقل لا يحكم بمعذوريّته في المخالفة ، لقدرته على ترك الخروج الحرام بترك الدخول. وكأنّ المقام نظير قتل النفس الناشئ من الرمي ، فإنّ تحريمه يرتفع بعد الرمي لعدم قدرته على المنع عن ذلك ، لكنّه يقع مبغوضا ولا يحكم العقل بمعذوريّته ، لأنّه يقدر على ترك القتل بترك الرمي ، ولذا يعاقب عليه.

۴۱۹۱