تعدّد المعنون ، لا وجودا ولا ماهيّة ، ولا تنثلم به وحدته أصلا (١) ؛ وأنّ المتعلّق للأحكام هو المعنونات لا العنوانات ، وأنّها إنّما تؤخذ في المتعلّقات بما هي حاكيات ـ كالعبارات ـ ، لا بما هي على حيالها واستقلالها.
كما ظهر ممّا حقّقناه : أنّه لا يكاد يجدي أيضا كون الفرد مقدّمة لوجود الطبيعيّ المأمور به أو المنهيّ عنه (٢) ، وأنّه لا ضير في كون المقدّمة محرّمة في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار. وذلك ـ مضافا إلى وضوح فساده ، وأنّ الفرد هو عين الطبيعيّ في الخارج ، كيف والمقدّميّة تقتضي الاثنينيّة بحسب الوجود ، ولا تعدّد (٣) كما هو واضح ـ أنّه إنّما يجدي لو لم يكن المجمع واحدا ماهيّة ، وقد عرفت
__________________
(١) مرّ ما فيه.
(٢) لا يخفى : أنّ قوله : «لا يكاد يجدى أيضا كون الفرد مقدّمة لوجود الطبيعيّ المأمور به أو المنهيّ عنه» تعريض لما أفاده المحقّق القميّ في القوانين ١ : ١٤٠ من التفصيل في المقام.
وحاصل التفصيل : أنّ القول بجواز الاجتماع يبتني على القول بأنّ الفرد مقدّمة لوجود الطبيعة ، والقول بالامتناع يبتني على القول بأنّه ليس مقدّمة لوجودها.
وتوضيحه : أنّه بناء على كون الفرد مقدّمة لوجود الطبيعيّ المأمور به أو المنهيّ عنه تعلّق الأمر بوجود الطبيعة بنفسها كما تعلّق النهي بترك المنهيّ عنه بنفسه. فقوله : «صلّ» تعلّق بطبيعة الصلاة ، كما أنّ قوله : «لا تغصب» تعلّق بطبيعة الغصب ، غاية الأمر أنّ الطبيعة توجد بوجود فردها ، فيكون الفرد مقدّمة لوجود الطبيعة المأمور بها أو المنهيّ عنها. وعليه فتكون الصلاة في الدار المغصوبة ـ وهي فرد من أفراد الصلاة والغصب ـ مقدّمة لوجود ما تعلّق به الأمر النفسيّ ـ أي طبيعة الصلاة ـ كما كان مقدّمة لوجود ما تعلّق به النهي النفسيّ ـ أي طبيعة الغصب ـ. وحينئذ فإن قلنا بعدم الملازمة بين المقدّمة وذيها لا يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في فرد واحد ، بل الحرمة تتعلّق بالمقدّمة ـ أي الفرد ـ والوجوب يتعلّق بذي المقدّمة ـ أي الطبيعة ـ ؛ وإن قلنا بالملازمة بينهما فاجتماع الوجوب والحرمة وإن كان متحقّقا في هذا الفرد ، إلّا أنّه لا بأس به ، لأنّ حرمتها نفسيّ ووجوبها غيريّ ، وحرمة المقدّمة لا تضرّ بتحقّق ذي المقدّمة وامتثال أمره إذا لم يكن الانحصار بسوء الاختيار.
وأمّا بناء على عدم كونه مقدّمة لوجود الطبيعة فلا مناص من القول بتعلّق الأمر والنهي بنفس هذا الفرد ، ويلزم اجتماع الأمر والنهي النفسيّين في واحد ، وهو محال.
(٣) أي : ولا تعدّد بين الفرد والطبيعيّ في الخارج.