وذلك (١) لأنّ التعبّد بطريق غير علميّ إنّما هو بجعل حجّيّته ، والحجّيّة

__________________

ـ وذكر المصنّف رحمه‌الله وجوها خمسة في التفصّي عنها :

الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «وذلك لأنّ التعبّد ... مفسدة التفويت أو الإلقاء».

الثاني : ما أشار إليه بقوله : «نعم ، لو قيل ... متعلّق الحكم الواقعي ، فافهم».

الثالث : ما تعرّض له بقوله : «نعم ، يشكل الأمر ... لأجل مصلحة فيه».

الرابع : ما أشار إليه بقوله : «فانقدح بما ذكرنا أنّه لا يلزم ... مورد الطرق إنشائيّا».

الخامس : ما أشار إليه بقوله : «كما لا يصحّ بأنّ الحكمين ... في هذه المرتبة».

واستشكل فيها بعض من تأخّر عنه من الأعلام ، كما استشكل نفسه في الوجهين الرابع والخامس.

والتحقيق في المقام يستدعي بيان ما ذكر من النقض والإبرام حول ما أفاده المصنّف رحمه‌الله والأعلام. ولكن تركناه إلى المطوّلات خوفا من التطويل المملّ. فنشير إلى بعض أوردوه على المصنّف رحمه‌الله ونكتفى بذكر بعض ما أبدعوه في مقام التفصّي عن المحاذير الثلاثة ذيل إيضاح ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في الكتاب.

(١) هذا هو الوجه الأوّل من الوجوه الخمسة. وحاصله : أنّ المجعول في مورد التعبّد بالأمارة هو الحجّيّة التي أثرها التنجيز مع المطابقة والتعذير مع المخالفة ، من دون أن يستتبع حكما تكليفيّا ، فلا يكون في مورد التعبّد بالأمارة حكم ظاهريّ مجعول ، بل ليس المجعول إلّا الحكم الواقعيّ فقط. فليس هاهنا وجوبان كي يلزم اجتماع المثلين ، ولا وجوب وحرمة كي يلزم اجتماع الضدّين أو النقيضين.

وأمّا محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة : فيرتفع بوجود مصلحة في التعبّد بالأمارة غالبة على مفسدة التفويت أو الإلقاء.

وأمّا التصويب : فلا يلزم ، لعدم خلوّ الواقع عن الحكم وعدم استتباع حجّيّة الأمارة للحكم الشرعيّ.

وأورد عليه المحقّقان العلمان : النائينيّ والاصفهانيّ ـ بعد ما حملا كلام المصنّف رحمه‌الله على أنّه يريد به أنّ المجعول نفس المنجّزيّة والمعذّريّة ، لا أنّ المجعول هو الحجّيّة التي تترتّب عليها المنجّزيّة أو المعذريّة ـ. راجع تفصيل كلامهما في أجود التقريرات ٢ : ٧٦ ، ونهاية الدراية ٢ : ١٢٥ ـ ١٢٦.

وأنت خبير : بأنّ ظاهر عبارته في المقام أنّ المجعول في باب الأمارات هو الحجّيّة الّتي أثرها التنجيز والمعذّريّة.

وأورد عليه أيضا المحقّق العراقيّ بأنّه وإن كان يدفع به محذور اجتماع الضدّين ، إلّا أنّه لا يدفع به محذور تفويت المصلحة. فراجع تفصيل كلامه في نهاية الأفكار ٣ : ٧٠.

۴۱۹۱