وليس محذور مناقضته مع المقطوع إجمالا إلّا محذور (١) مناقضة الحكم الظاهريّ مع الواقعيّ في الشبهة غير المحصورة بل الشبهة البدويّة (٢) ، ضرورة عدم تفاوت في المناقضة بين التكليف الواقعيّ والإذن بالاقتحام في مخالفته بين الشبهات أصلا ؛ فما به التفصّي عن المحذور فيهما كان به التفصّي عنه في القطع به في الأطراف المحصورة أيضا ، كما لا يخفى. وقد أشرنا إليه سابقا (٣) ويأتي إن شاء الله مفصّلا (٤).

نعم ، كان العلم الإجماليّ كالتفصيليّ في مجرّد الاقتضاء ، لا في العلّيّة التامّة (٥) ، فيوجب تنجّز التكليف أيضا لو لم يمنع عنه مانع عقلا كما كان في أطراف كثيرة غير محصورة ، أو شرعا كما في ما أذن الشارع في الاقتحام فيها كما هو ظاهر

__________________

(١) وفي بعض النسخ هكذا : «ومحذور مناقضته مع المقطوع إجمالا إنّما هو محذور ...» والمعنى واحد.

(٢) وفي بعض النسخ زيادة ، هي : «لا يقال : إنّ التكليف فيهما لا يكون بفعليّ. فإنّه يقال : كيف المقال في موارد ثبوته في أطراف غير محصورة أو في الشبهات البدويّة مع القطع به أو احتماله أو بدون ذلك». ولكن ضرب عليها في النسخة الأصليّة قلم المحو. وهو الصحيح ، فإنّها مستدركة ، لاستفادة مضمونها من مطاوي السطور المتقدّمة عليها.

والحاصل : أنّه لا مضادّة بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ في المقام ، إذ لو كانت بينهما مضادّة لما أمكن جعل الحكم الظاهريّ في الشبهات غير المحصورة ، بل في الشبهة البدويّة.

(٣) في الأمر الرابع : ٢٥٧ ، حيث قال : «قلت : لا بأس باجتماع الحكم الواقعيّ ...».

(٤) في مبحث حجّيّة الأمارات ، الصفحة : ٢٨٥ ـ ٢٨٧ من هذا الجزء.

(٥) لكنّه لا يخفى : أنّ التفصّي عن المناقضة ـ على ما يأتي ـ لمّا كان بعدم المنافاة بين الحكم الواقعيّ ما لم يصر فعليّا والحكم الظاهريّ الفعليّ كان الحكم الواقعيّ في موارد الاصول والأمارات المؤدّية إلى خلافه لا محالة غير فعليّ ، فحينئذ فلا يجوّز العقل مع القطع بالحكم الفعليّ الإذن في مخالفته ، بل يستقلّ مع قطعه ببعث المولى أو زجره ولو إجمالا بلزوم موافقته وإطاعته ، نعم لو عرض بذلك عسر موجب لارتفاع فعليّته شرعا أو عقلا ، كما إذا كان مخلّا بالنظام ، فلا تنجّز حينئذ ، لكنّه لأجل عروض الخلل في المعلوم ، لا لقصور العلم عن ذلك ، كما كان الأمر كذلك فيما إذا أذن الشارع في الاقتحام ، فإنّه أيضا موجب للخلل في المعلوم ، لا المنع عن تأثير العلم شرعا. وقد انقدح بذلك أنّه لا مانع عن تأثيره شرعا أيضا ، فتأمّل جيّدا. منه [أعلى الله مقامه].

۴۱۹۱