أنّ لهما أفرادا مشتبهة وقعت محلّ البحث والكلام للأعلام في أنّها من أفراد أيّهما ، كآية السرقة (١) ، ومثل [قوله تعالى] : ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ﴾ (٢) و ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ﴾ (٣) ممّا اضيف التحليل إلى الأعيان ، ومثل «لا صلاة إلّا بطهور» (٤).
ولا يذهب عليك : أنّ إثبات الإجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان ، لما عرفت من أنّ ملاكهما أن يكون للكلام ظهور ويكون قالبا لمعنى ، وهو ممّا يظهر بمراجعة الوجدان ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى : أنّهما وصفان إضافيّان ربما يكون مجملا عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره بما حفّ به لديه ، ومبيّنا لدى الآخر لمعرفته وعدم التصادم بنظره ، فلا يهمّنا التعرّض لموارد الخلاف والكلام والنقض والإبرام في المقام ، وعلى الله التوكّل وبه الاعتصام.
__________________
ـ ٣ ـ قوله عليهالسلام : «يقضيه أفضل أهل بيته» ، فإنّ كلمة «أفضل» مجمل ، لم يعلم المراد منه ، فهل المراد به الأعلم أو المراد به الأقرب إلى أهل بيت الميّت. وسائل الشيعة ٧ : ٢٤٢ ، الباب ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١١.
(١) وهي قوله تعالى : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما﴾ المائدة / ٣٨. فيقال : إنّها مجملة من جهة لفظ «القطع» ، حيث يطلق على الإبانة والجرح. أو أنّها مجملة من جهة لفظ «اليد» ، حيث يطلق على العضو المعروف كلّه وعلى الكف إلى اصول الأصابع وعلى العضو إلى الزند وعلى العضو إلى المرفق.
(٢) النساء / ٢٣. وإجمالها من جهة الفعل المتعلّق باللام ، فهل هو النظر أو اللمس أو التقبيل أو الوطء.
(٣) المائدة / ١. وإجمالها من جهة الفعل المتعلّق بالبهيمة ، فهل يراد به حلّيّة لحمها أو يراد حلّيّة سائر الانتفاعات بها.
(٤) الوسائل ١ : ٢٥٦ ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، الحديث ١ و ٦.
وإجماله من جهة أنّ النفي في مثل هذا التركيب لا يحمل على نفي الماهيّة ، فلا بدّ أن يقدّر وصف للماهيّة كي يكون هو المنفيّ حقيقة ، نحو : الصحّة والكمال والفضيلة ونحوها. ولمّا كان المجاز مردّدا بين معان كان الكلام مجملا.