في مقام البيان (١). ولذا لا ينثلم به إطلاقه وصحّة التمسّك به أصلا (٢) ، فتأمّل

__________________

(١) وتوضيح ما أفاده يتوقّف على تقديم مقدّمة :

وهي : أنّ في كون المتكلّم في مقام البيان وجهين :

الأوّل : أن يكون في مقام بيان المراد الجدّيّ ، بمعنى أنّه قصد إفهام مراده من نفس اللفظ. كما هو المقصود في قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة.

الثاني : أن يكون في مقام بيان المراد الاستعماليّ ، بمعنى أنّه قصد إفهام معنى اللفظ للمخاطب وإحضاره في ذهن السامع بصورة القانون والقاعدة ، ليكون حجّة ومرجعا عند الشكّ في التقييد ما لم تقم حجّة أقوى على خلافه.

فالمطلق قد يظهر ويراد إفهام معناه واقعا ، وقد يظهر ويراد إفهام معناه قاعدة وقانونا.

إذا عرفت هذه المقدّمة ، فاعلم أنّه وقع النزاع في أنّه ما المراد من كون المتكلّم في مقام البيان؟ فهل هو كونه في مقام بيان المراد الجدّيّ وتجري مقدّمات الحكمة في تنقيحه فيثبت به أنّ المطلق مراد جدّا أو كونه في مقام بيان المراد الاستعماليّ وتجري مقدّمات الحكمة في تنقيحه؟

ذهب الشيخ الأعظم الأنصاريّ إلى الأوّل ، وتبعه المحقّق النائينيّ. مطارح الأنظار : ٢١٨ ، أجود التقريرات ١ : ٥٣٠.

وذهب المصنّف رحمه‌الله إلى الثاني.

وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا ورد المقيّد منفصلا ، فإنّه على رأي الشيخ الأعظم والمحقّق النائينيّ يكشف عن عدم كون المتكلّم في مقام بيان كلامه ، ويكشف أيضا عن تقيّد المراد الجدّي وعدم إطلاقه من أوّل الأمر ، فالمقيّد المنفصل يخلّ بظهور المطلق في الإطلاق. بخلافه على رأي المصنّف رحمه‌الله ، فإنّ المقيّد المنفصل ـ حينئذ ـ لا يكشف عن عدم كون المتكلّم في مقام البيان ولا يخلّ بظهور المطلق في الإطلاق ، بل إنّما يزاحمه في مقام الحجّيّة.

ومن هنا يظهر أنّ في قوله : «ولو كان مخالفا» وجوه :

الأوّل : أن يكون معناه : «ولو كان المقيّد مخالفا للمطلق في مقام الحجّيّة».

الثاني : أن يكون معناه : «ولو كان مخالفا له في النفي أو الإثبات».

الثالث : أن يكون مستدركا. ويؤيّده ما يأتي منه بعد أسطر ، حيث قال : «إنّ الظفر بالمقيّد لا يكون كاشفا».

(٢) هذا استشهاد من المصنّف رحمه‌الله على مدّعاه. وحاصله : أنّ ما ذهب إليه الشيخ الأعظم يلازم عدم إمكان التمسّك بالمطلقات إذا قيّدت بقيد منفصل ، وهذا اللازم باطل ، إذ لم يلتزم به أحد. فهذا يكشف عن بطلان رأي الشيخ في المقام.

۴۱۹۱