يَتَرَبَّصْنَ﴾ إلى قوله ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ﴾ (١). وأمّا ما إذا كان مثل «والمطلّقات
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
فيقال : إنّ الأمر يدور في الآية مدار امور ثلاثة :
الأوّل : التصرّف في عموم قوله تعالى : ﴿وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ بأن يحمل «المطلّقات» على خصوص الرّجعيّات ، كأنّه قيل : «والرّجعيّات يتربّصن ...». وعليه يكون الموضوع في قوله تعالى : ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ﴾ واحدا ، وهو الرجعيّات.
الثاني : التصرّف في ظاهر الضمير ـ وهو تطابق الضمير مع مرجعه في العموم ؛ ويعبّر عنه ب «أصالة عدم الاستخدام» ، ومقتضاه في المقام أن يراد بضمير «بعولتهنّ» جميع المطلّقات كي يطابق الضمير مع مرجعه ـ ، فنتصرّف فيه بالاستخدام ، فيرجع الضمير إلى بعض أفراد العامّ ـ وهو الرّجعيّات ـ ، مع كون المطلّقات بأجمعها موضوعا للحكم بلزوم التربّص.
الثالث : التصرّف في الضمير بإرجاعه إلى تمام أفراد المطلّقات مع التوسّع في الإسناد ، بأن يكون المراد من المطلّقات حقيقة خصوص الرّجعيّات الّتي اريد من الضمير ، وإنّما اسند حكم جواز الرجوع في العدّة إلى جميع أفرادها من قبيل المجاز في الإسناد.
وظاهر تمثيل المصنّف رحمهالله بالآية الشريفة أنّه عدّها من صغريات المسألة. وتبعه المحقّقان النائينيّ والعراقيّ. فراجع فوائد الاصول ٢ : ٥٥٢ ـ ٥٥٣ ، ونهاية الأفكار ٢ : ٥٤٥ ـ ٥٤٦.
وخالفه السيّد المحقّق الخوئيّ ، فإنّه ـ بعد ما ذهب إلى تقديم أصالة عدم الاستخدام ـ أنكر كون الآية من صغريات المسألة. وحاصل ما أفاده : أنّ موضوع المسألة هو ما إذا استعمل الضمير الراجع إلى العامّ في خصوص بعض أفراده ، فدار الأمر بين الالتزام بالاستخدام وبين رفع اليد عن أصالة العموم. والضمير الراجع إلى المطلّقات في الآية الكريمة ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ﴾ لم يستعمل في خصوص بعض أفراد المطلّقات ، بل استعمل في العامّ ، أو تدلّ الآية على أنّ بعولة جميع المطلّقات أحقّ بردّهن. وأمّا الاختصاص فيثبت بدليل خارجيّ ، وهو لا يوجب استعماله في الخاصّ. فتكون الآية الشريفة خارجة عن موضوع المسألة. وبما أنّه لم يوجد في القضايا المتكفّلة ببيان الأحكام الشرعيّة مورد يدور الأمر فيه بين أصالة عدم الاستخدام وأصالة العموم ، فلا تترتّب على البحث عن المسألة ثمرة في الفقه. المحاضرات ٥ : ٢٨٨ ـ ٢٢٩.
وظاهر كلام السيّد الإمام الخمينيّ ـ بعد ما ذهب إلى التفصيل بين ما إذا كان الدالّ على اختصاص الحكم ببعض الأفراد منفصلا فلا يوجب تخصيص العامّ وبين ما إذا كان متّصلا فيوجب إجمال العامّ ـ أنّ الآية الشريفة داخلة في محلّ النزاع ، لأنّ محطّ البحث لا يختصّ بما إذا كان المقام من قبيل دوران الأمر بين أصالة العموم وأصالة عدم الاستخدام ، بل يعم