وقد انقدح ممّا ذكرنا : أنّ المجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه الّتي ذكرناها ، لا مجرّد كون الأسباب الشرعيّة معرّفات لا مؤثّرات. فلا وجه لما عن

__________________

ـ ومحمولها الجزاء ، كما أنّ القضيّة الحمليّة ترجع إلى الشرطيّة الّتي مقدّمها الموضوع وتاليها المحمول. لا شكّ أنّ الحكم في القضيّة الشرطيّة أيضا يتعدّد بتعدّد أفراد المشروط وجودا. وأمّا تعدّد الحكم بتعدّد شرطه جنسا وماهيّة فهو يستفاد من ظهور كلّ من القضيّتين في أنّ كلّا من الشرطين مستقلّ في ترتّب الجزاء عليه مطلقا.

ومن ناحية اخرى أنّ الطلب المتعلّق بالشيء لا يقتضي إلّا إيجاد متعلّقه خارجا ونقض عدمه المطلق. وبما أنّ نقض العدم المطلق يحقّق بأوّل وجود من الطبيعة كان مجزيا عقلا. وعليه فإذا تعلّق طلبان بماهيّة كان مقتضى كلّ منهما إيجاد ناقض العدم ، فمقتضى الطلبين إيجاد ناقضين للعدم ، كما هو الحال في تعلّق إرادتين تكوينيّتين بماهيّة واحدة ، فإنّ مقتضاهما تحقّق وجودين منها.

نعم ، لو لم يكن هناك ما يقتضي تعدّد الطلب كان الطلب واحدا من جهة عدم المقتضي ، لا من جهة دلالة لفظ الأمر عليه.

فإذا فرض ظهور القضيّة الشرطيّة في الانحلال وتعدّد الطلب ـ كما هو المفروض في المقام ـ كان ظهور القضيّة في تعدّد الحكم موجبا لارتفاع موضوع الحكم بوحدة الطلب ـ أعني عدم المقتضى ـ وواردا عليه. فوائد الاصول ٢ : ٤٩٣ ـ ٤٩٤.

وحسّنه تلميذه السيّد المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٥ : ١١٨ ـ ١٢٣.

وأمّا المحقّق الأصفهانيّ : فاستدلّ عليه بما حاصله : أنّ البعث المتعلّق بالشيء يقتضي وجودا واحدا منه ، ولا يقتضي عدم البعث إلى وجود آخر ، بل هو بالإضافة إلى وجود آخر بوجوب آخر لا اقتضاء ، والبعث الآخر مقتض لوجود آخر بنفسه ، فإنّ الإيجاد الآخر يقتضي وجودا آخر. نهاية الدراية ١ : ٦١٨.

وأمّا المحقّق العراقيّ : فاستدلّ عليه بأنّ تقديم ظهور الشرطين في الاستقلال على ظهور الجزاء في وحدة المتعلّق أولى من العكس ، لأنّ تقديم ظهور الشرطين على ظهور الجزاء لا يستلزم إلّا ارتكاب خلاف ظاهر واحد ، بخلاف العكس ، فإنّه يستلزم ارتكاب خلاف ظاهرين ، فتقديم ظهور الشرطين أقلّ محذورا من تقديم ظهور الجزاء. ومن المعلوم أنّه عند الدوران يتعيّن ما هو أقلّ محذورا من الآخر. نهاية الأفكار ٢ : ٤٨٦ ـ ٤٨٧.

وتشبّث السيّد الإمام الخمينيّ ـ بعد ما ناقش فيما أفاده الأعلام الثلاثة في مقام الاستدلال على عدم التداخل ـ بأنّ فهم العرف مساعد على عدم التداخل وتعدّد الجزاء لأجل مناسبات مغروسة في ذهنه. مناهج الوصول ٢ : ٢٠٨.

۴۱۹۱