نعم لا بدّ في الرجوع إليه (١) فيما ذكر من كونه (٢) واردا مورد البيان ، كما لا بدّ منه في الرجوع إلى سائر المطلقات ؛ وبدونه لا مرجع أيضا إلّا البراءة أو الاشتغال ، على الخلاف في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.

وقد انقدح بذلك أنّ الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال في موارد إجمال الخطاب أو إهماله على القولين (٣). فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع (٤) إلى البراءة على الأعمّ والاشتغال على الصحيح ، ولذا ذهب المشهور إلى البراءة مع ذهابهم إلى الصحيح (٥).

__________________

ـ على الفاقد لما يشكّ في اعتباره معلوم على قول الأعمّي ، وانّما الشكّ في اعتبار أمر زائد عليه ؛ وأمّا على الصحيحيّ فالصدق غير معلوم ؛ وعليه يجوز التمسّك بالإطلاق على القول بالأعمّ دون القول بالصحيح. محاضرات في اصول الفقه ١ : ١٨١.

الثالث : أنّ الثمرة للمسألة الاصوليّة ليست إلّا الوقوع في طريق استنباط الحكم الفرعيّ ، وهو مفقود في المقام ، لأنّ إمكان التمسّك بالإطلاق وعدمه المترتّب على مسألة الصحيح والأعمّ ليس مسألة فقهيّة ، لكي تكون هذه المسألة ممّا يقع في طريق استنباطه ، بل هو بنفسه مسألة اصوليّة.

وهذا الإيراد أقوى من السابقين ، كما لا يخفى.

(١) أي : في التمسّك بالإطلاق.

(٢) أي : الإطلاق.

(٣) أي : على قول الصحيحيّ والأعمّي.

(٤) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «هي الرجوع».

(٥) وقد خالفه المحقّق النائينيّ ـ في فوائد الاصول ١ : ٧٩ ـ وجعل ثمرة النزاع ـ بعد انكار الثمرة الاولى ـ هي جريان البراءة على قول الأعمّي والاشتغال على قول الصحيحيّ.

وخالفه أيضا السيّد الإمام الخمينيّ ـ في مناهج الوصول ١ : ١٦٠ ـ وجعل القول بالبراءة والاشتغال ثمرة القول بالأعمّ والصحيح.

ولكن لا يخفى : أنّ مخالفتهما معه ناشئة من الاختلاف في مبناهم في تصوير الجامع الصحيحيّ. بيان ذلك : أنّه لو قلنا بأنّ الجامع على القول بالصحيح جامع بسيط حقيقيّ ذاتيّ مقوليّ ـ كما قال به المحقّق الخراسانيّ ـ أو قلنا بأنّ الجامع جامع مركّب يعرّفه النهي عن الفحشاء ـ كما قال به المحقّق الاصفهانيّ ـ يكون الشكّ في الأقلّ والأكثر من موارد البراءة ، فلا وجه لجعل الثمرة الرجوع إلى البراءة على الأعمّ والاشتغال على الصحيح. وأمّا لو قلنا بأنّ الجامع على القول بالصحيح جامع بسيط عنوانيّ أو جامع مركّب مقيّد بالنهي عن الفحشاء ـ كما التزم بهما المحقّق النائينيّ ـ أو هيئة خاصّة حالّة في الأجزاء الخاصّة ـ كما أفاده السيّد الإمام الخمينيّ ـ يكون مورد الشكّ في الأقلّ والأكثر من موارد الاشتغال ، فيصحّ جعل الرجوع إلى البراءة ـ على الأعمّي ـ وإلى الاشتغال ـ على الصحيحيّ ـ ثمرة للقولين.

۲۹۶۱