بلا واسطة في العروض (١) ـ هو نفس موضوعات مسائله عينا وما يتّحد معها خارجا ، وإن كان يغايرها مفهوما تغاير الكلّيّ ومصاديقه والطبيعيّ وأفراده (٢).
[مسائل العلوم]
والمسائل عبارة عن جملة من قضايا متشتّتة ، جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض الّذي لأجله دوّن هذا العلم. فلذا قد يتداخل بعض العلوم في بعض المسائل ممّا كان له دخل في مهمّين (٣) ، لأجل كلّ منهما دوّن علم على حدة ، فيصير من مسائل العلمين (٤).
__________________
(١) كلمة : «العروض» من الأغلاط المشهورة ، ولم تساعد عليها اللغة ، بل الصحيح : «العرض».
والمراد من العروض هو الحمل ، فقوله : «بلا واسطة في العروض» أي بلا واسطة في الحمل ، فكلّ عارض يحمل على الموضوع حقيقة ـ بحيث يعدّ من اسناد الشيء إلى ما هو له ـ هو العرض الذاتيّ للموضوع.
والسرّ في تفسير العرض الذاتيّ بأن لا يكون هناك واسطة في العروض ـ مع أنّه خلاف ما هو المشهور في معنى العرض الذاتيّ من أنّه كونه بحيث يقتضيه نفس الذات ـ هو أنّ البحث في غالب مسائل العلوم ليس بحثا عن العوارض الذاتيّة لموضوعها بهذا المعنى ، فإنّ البحث عن حجّيّة خبر الواحد ـ مثلا ـ ليس بحثا عن ما يقتضيه ذات خبر الواحد ، بل هي من فعل الشارع ، وهكذا كثير من المباحث في العلوم الأخر. فلا بدّ من توسعة العرض الذاتيّ بأن يقال : أنّه ما كان يعرض الذات بلا واسطة في العروض وإن كان لأمر لا يقتضيه نفس الذات.
وذهب المحقّق الاصفهانيّ إلى أنّ الالتزام بعدم الواسطة في العروض من باب لزوم ما لا يلزم ، لأنّ العلم عبارة عن القضايا المتشتّتة ، ونفس تلك القضايا مسائل العلم ، ومحمولاتها أعراض ذاتيّة لموضوعاتها ، فلا ملزم بما ذكر. نهاية الدراية ١ : ٧.
(٢) قوله : «والطبيعيّ وأفراده» من العطف التفسيريّ.
وذهب المحقّق العراقيّ إلى التفصيل ، فجعل النسبة بين موضوع العلم وموضوعات مسائله في مثل العلوم الرياضيّة الاتّحاد ومن قبيل نسبة الكليّ إلى أفراده ، وفي مثل العلوم النقليّة بنحو العينيّة ومن قبيل نسبة الكلّ إلى أجزائه. راجع نهاية الأفكار ١ : ١٢.
(٣) أي : غرضين. والأولى أن يقول : «في غير واحد من الأغراض» حتّى يشمل تداخلها في ما له دخل في الأغراض.
(٤) كمسألة «التجرّي» ، فإنّه يتداخل فيها علم الفقه والاصول والكلام.