الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ فقد توهّم (١) أنّه وضع الحروف وما الحق بها من الأسماء (٢) ؛ كما توهّم (٣) أيضا أنّ المستعمل فيه فيها خاصّ (٤) مع كون الموضوع له كالوضع عامّا (٥).
[الوضع في الحروف]
والتحقيق ـ حسب ما يؤدّي إليه النظر الدقيق ـ أنّ حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء (٦). وذلك لأنّ الخصوصيّة المتوهّمة (٧) إن كانت هي الموجبة لكون المعنى المتخصّص بها جزئيّا خارجيّا ، فمن الواضح أنّ كثيرا ما لا يكون المستعمل فيه فيها كذلك ، بل كلّيّا (٨) ؛ ولذا التجأ بعض
__________________
ـ نهاية الأفكار ١ : ٣٢ ـ ٣٣.
ولكن في هذا التقسيم ملاحظات ذكر بعضها في نهاية الدراية ١ : ٢٥ ، وبعض آخر منها في مناهج الوصول ١ : ٦٠ ـ ٦٣.
(١) هذا ما توهّمه المحقّق السيّد الشريف في حواشيه على المطوّل : ٣٧٢ ، والمحقّق القمّي في قوانين الاصول ١ : ١٠ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٦.
(٢) كأسماء الإشارات والضمائر.
(٣) تعرّض له صاحب الفصول من دون أن يصرّح بقائله ، راجع الفصول : ١٦. وقد ينسب إلى التفتازانيّ.
(٤) وفي بعض النسخ : «المستعمل فيه فيها خاصّا» ، والصحيح ما في المتن.
(٥) والفرق بين الموضوع له والمستعمل فيه أنّ الموضوع له هو المعنى الملحوظ حال الوضع فيوضع له اللفظ ، والمستعمل فيه هو المعنى الملحوظ حال الاستعمال. فالمراد من كون المستعمل فيه في الحروف خاصّا والموضوع له فيها عامّا أنّ المعنى الملحوظ حال وضعها هو معنى عامّ كلّي وإن استعمل اللفظ في الجزئيّ ، فكلمة «من» ـ مثلا ـ يوضع للابتداء بمعناه العامّ ولكن استعمل في الابتداء من نقطة خاصّة من البصرة ـ مثلا ـ.
(٦) أي : كان الموضوع له والمستعمل فيه فيها عامّا كما كان الوضع فيها عامّا.
(٧) أي : الخصوصيّة الّتي توهّمها بعض في موضوع له أو مستعمل فيه الحروف.
(٨) كما في قولنا : «سر من البصرة إلى الكوفة» ، فإنّ كلمة «من» و «إلى» استعملا في كلّيّ الابتداء والانتهاء.