الثواب على المقدّمات (١) ، أو على التفضّل (٢) ، فتأمّل جيّدا.
وذلك لبداهة أنّ موافقة الأمر الغيريّ بما هو أمر ـ لا بما هو شروع في إطاعة الأمر النفسيّ ـ لا توجب قربا ، ولا مخالفته بما هو كذلك بعدا ، والمثوبة والعقوبة إنّما تكونان من تبعات القرب والبعد.
إشكال ودفع
أمّا الأوّل : فهو أنّه إذا كان الأمر الغيريّ ـ بما هو ـ لا إطاعة له ولا قرب في موافقته ولا مثوبة على امتثاله ، فكيف حال بعض المقدّمات ، كالطهارات ، حيث لا شبهة في حصول الإطاعة والقرب والمثوبة بموافقة أمرها؟ هذا مضافا إلى أنّ الأمر الغيريّ لا شبهة في كونه توصّليّا ، وقد اعتبر في صحّتها إتيانها بقصد القربة (٣).
وأمّا الثاني : فالتحقيق أن يقال : إنّ المقدّمة فيها بنفسها مستحبّة وعبادة ،
__________________
(١) كما روي أنّ في كلّ خطوة في زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام ثواب الحجّ والعمرة. الوسائل ١٠ : ٢٩٦ ، الباب ٢٤ من أبواب المزار ، الحديث ١.
(٢) أي : أو يحمل على التفضّل ، لا الاستحقاق.
(٣) لا يخفى : أنّ البحث عن عباديّة الطهارات الثلاث وترتّب الثواب عليها من المباحث المهمّة الّتي تترتّب عليها آثار علميّة وعمليّة. ولذا تعرّض له الأعلام جميعا واهتمّوا في دفع الاشكالات الواردة على عباديّتها. وعمدة الإشكالات أربعة :
الأوّل : أنّه لا شبهة في حصول التقرّب بالإتيان بالطهارات الثلاث لأجل الصلاة ، والمفروض أنّ موافقة الأمر الغيريّ لا تستلزم القرب ، فكيف يحصل بها التقرّب؟
الثاني : لا شبهة في ترتّب الثواب على الإتيان بالطهارات الثلاث لأجل الصلاة ، والمفروض أنّ موافقة الأمر الغيريّ لا تستوجب ثوابا ، فكيف يترتّب على الإتيان بها الثواب؟
الثالث : أنّ الأمر الغيريّ أمر توصّلي يسقط بمجرّد الإتيان بمتعلّقه ، مع أنّه في الطهارات الثالث لا بدّ من الإتيان بها بنحو العبادة ، فما هو الأمر العباديّ المصحّح لعباديّتها؟
هذه الإشكالات الثلاثة ذكرها المصنّف في المقام.
الرابع : ما ذكره الشيخ الأنصاريّ ـ في كتاب الطهارة ٢ : ٥٤ ـ ، وهو لزوم الدور. وتقريبه : أنّ الأمر الغيريّ انّما يتعلّق بالوضوء وأخويه بما أنّها مقدّمة ، ومقدّميّتها تتوقّف على الإتيان بها على وجه العبادة ، والإتيان بها على وجه العبادة يتوقّف على الأمر بها ، فيكون الأمر الغيريّ متوقّفا على مقدّميّتها ، ومقدّميّتها متوقّفة على الأمر الغيريّ بها ، وهذا دور.