المقام الأوّل : في أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراريّ هل يجزئ عن الإتيان بالمأمور به (١) بالأمر الواقعيّ ثانيا بعد رفع الاضطرار في الوقت إعادة وفي خارجه قضاء أو لا يجزئ (٢)؟
تحقيق الكلام فيه يستدعي التكلّم فيه تارة في بيان ما يمكن أن يقع عليه الأمر الاضطراريّ من الأنحاء وبيان ما هو قضيّة كلّ منها من الإجزاء وعدمه ، واخرى في تعيين ما وقع عليه.
فاعلم : أنّه يمكن أن يكون التكليف الاضطراريّ في حال الاضطرار كالتكليف الاختياريّ في حال الاختيار (٣) وافيا بتمام المصلحة وكافيا فيما هو المهمّ والغرض ؛ ويمكن أن لا يكون وافيا به كذلك (٤) ، بل يبقى منه شيء أمكن استيفاؤه ، أولا يمكن ؛ وما أمكن كان بمقدار يجب تداركه أو يكون بمقدار يستحبّ.
ولا يخفى : أنّه إن كان وافيا به يجزئ. فلا يبقى مجال أصلا للتدارك ، لا قضاء
__________________
(١) وفي النسخة الأصليّة : «عن القضاء والإتيان بالمأمور به». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) مثلا : إذا أتى بالصلاة قاعدا ثمّ زال الاضطرار قبل خروج الوقت ، فهل يجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه أم لا؟ أو إذا أتى بالصلاة مع الطهارة الترابيّة ثمّ زال الاضطرار في الوقت ، فهل يجزئ الإتيان بها عن الصلاة مع الطهارة المائيّة فلا يجب عليه ـ بعد زوال الاضطرار ـ الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، أم لا فيجب عليه إتيانها في الوقت إعادة وفى خارج الوقت قضاء؟
ولا يخفى : أنّ النزاع في المقام انّما يجرى فيما إذا كان الموضوع للأمر الاضطرارىّ وجود العذر غير المستوعب لتمام الوقت ؛ وأمّا إذا كان الموضوع وجود العذر المستوعب لتمام الوقت فلا مجال للنزاع في الإجزاء وعدمه ، لأنّه حينئذ لا أمر واقعيّا كي يقال : إنّ امتثال المأمور به بالأمر الاضطراريّ هل يجزئ عن الأمر الواقعيّ أم لا؟
(٣) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «يمكن أن يكون المكلّف به في التكليف الاضطراريّ حال الاضطرار كالمكلّف به في التكليف الاختياريّ حال الاختيار». وذلك لأنّ المصالح قائمة بمتعلّقات الأحكام ، لا نفس الأحكام.
(٤) أي : كالقسم الأوّل الّذي كان وافيا.