ولا منافاة بين دعوى ذلك وبين كون الألفاظ على هذا القول مجملات ، فإنّ المنافاة إنّما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا (١) مبيّنة بوجه (٢) ، وقد عرفت كونها مبيّنة بغير وجه (٣).
[٢ ـ صحّة السلب عن الفاسد]
ثانيها : صحّة السلب عن الفاسد بسبب الإخلال ببعض أجزائه أو شرائطه بالمداقّة ، وإن صحّ الإطلاق عليه بالعناية (٤).
[٣ ـ الأخبار]
ثالثها : الأخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواصّ والآثار للمسمّيات ، مثل : «الصّلاة عمود الدين» (٥) أو «معراج المؤمن» (٦) و «الصوم جنّة من النار» (٧) ، إلى
__________________
ـ إلى الذهن ، وكلّ ما يتبادر من اللفظ إلى الذهن هو الموضوع له ، فالصحيح هو الموضوع له.
وأورد عليه السيّد الإمام الخمينيّ بأنّ ما يتبادر من اللفظ أوّلا هو نفس المعنى الموضوع له ، وبعد تبادر نفس المعنى ينتقل الذهن إلى مصاديقه ثانيا لأجل انس الذهن ، وإلى الصحّة ثالثا بواسطة الارتكاز العقلائيّ ، فلا يتبادر من اللفظ الصحّة أوّلا حتّى يكون تبادر الصحيح علامة للحقيقة. مناهج الوصول ١ : ١٦٢ ـ ١٦٣.
وأقول : بل في علاميّة التبادر نظر ، لما مرّ من عدم إمكان دفع الدور بما ذكره المحقّق الخراسانيّ ومن تبعه. ولو سلّم فلا يمكن تبادر الصحيح المحمول على القول بأنّ الجامع لم يكن أمرا واضحا ، بل هو أمر بسيط حقيقيّ ذاتيّ مقوليّ كما ذهب إليه المصنّف.
(١) أي : على القول بوضعها للصحيح.
(٢) أي : بأيّ وجه.
(٣) أي : بأكثر من وجه واحد. فهي مبيّنة من جهة اللوازم مثل كونها ناهية عن الفحشاء وقربان كلّ تقيّ ومعراج المؤمن.
ولا يخفى : أنّ تبادر الشيء بوجهه ليس علامة للوضع ـ لو سلّم علاميّته ـ ، بل تبادر نفس المعنى علامة لوضع اللفظ لذلك المعنى.
(٤) مرّ ما في علاميّة صحّة السلب ، فراجع.
(٥) عوالى اللآلى ١ : ٣٢٢ ، ودعائم الإسلام ١ : ١٣٣.
(٦) الاعتقادات «للشيخ المجلسيّ» : ٣٩.
(٧) محاسن البرقي : ٢٨٦ ، الحديث ٤٣٠.