لو لم يكن بأكثر (١) ؛ وأمّا الأكمليّة فغير موجبة للظهور ، إذ الظهور لا يكاد يكون إلّا لشدّة انس اللفظ بالمعنى بحيث يصير وجها له ، ومجرّد الأكمليّة لا يوجبه ، كما لا يخفى.

نعم ، فيما كان الآمر بصدد البيان فقضيّة مقدّمات الحكمة هو الحمل على الوجوب ، فإنّ الندب كأنّه يحتاج إلى مئونة بيان التحديد والتقييد بعدم المنع من الترك ، بخلاف الوجوب ، فإنّه لا تحديد فيه للطلب ولا تقييد ، فإطلاق اللفظ وعدم تقييده مع كون المطلق في مقام البيان كاف في بيانه (٢) ، فافهم (٣).

المبحث الخامس

[ما تقتضيه الصيغة من التوصّليّة أو التعبّديّة]

إنّ إطلاق الصيغة هل يقتضي كون الوجوب توصّليّا ـ فيجزئ إتيانه مطلقا ولو بدون قصد القربة ـ أو لا ـ فلا بدّ من الرجوع فيما شكّ في تعبّديّته وتوصّليّته إلى الأصل ـ؟ (٤)

__________________

(١) أي : ليس بأقلّ من استعمالها في الوجوب ، وليس بأقلّ من وجود الوجوب لو لم يكن بأكثر.

(٢) مرّ توضيحه في التعليقة (٣) من الصفحة : ١٣٤

(٣) لعلّه إشارة إلى ما أورد عليه المحقّق النائينيّ والسيّدان العلمان ـ الخوئيّ والخمينيّ ـ ، كما مرّت الإشارة إليه في التعليقة (٣) من الصفحة : ١٣٤.

وقال المحقّق الاصفهانيّ ـ بعد توضيح كلام المصنّف ـ : «هذا التقريب دقيق ، ومثله غير قابل للاتّكال عليه عند التحقيق ، فهو نظير إطلاق الوجود وإرادة الواجب نظرا إلى أنّه صرف الوجود الّذي لا يشوبه العدم ، فكما لا يمكن الاتّكال عليه في المحاورات العرفيّة فكذلك فيما نحن فيه ، ولعلّه قدس‌سره أشار عليه بقوله : (فافهم).». نهاية الدراية ١ : ٢٢٤.

(٤) وقع الكلام في أنّ التعبّديّة والتوصليّة هل هما من صفات الوجوب أو من صفات الواجب؟

وهل يكون مورد البحث إطلاق الصيغة أو إطلاق المادّة؟

ذهب المصنّف إلى الأوّل.

ولكن أورد عليه تلميذه المحقّق الاصفهانيّ بأنّ الفرق بين التعبّديّ والتوصّلي في الغرض من الواجب ، لا الغرض من الوجوب ، إذ الوجوب ـ ولو في التوصّلي ـ لا يكون إلّا لأن يكون داعيا للمكلّف إلى ما تعلّق به. فالوجوب التوصّلي لا يغاير الوجوب التعبّدي أصلا ، ـ

۲۹۶۱