لا يكاد ينفكّ في الخارج عن الخصوصيّة (١).
فانقدح بذلك : أنّ المراد بتعلّق الأوامر بالطبائع دون الأفراد أنّها بوجودها السعيّ بما هو وجودها ـ قبالا لخصوص الوجود ـ متعلّقة للطلب ، لا أنّها بما هي هي كانت متعلّقة له ـ كما ربما يتوهّم (٢) ـ ، فإنّها كذلك ليست إلّا هي (٣). نعم ، هي كذلك (٤) تكون متعلّقة للأمر ، فإنّه طلب الوجود (٥) ، فافهم (٦).
دفع وهم
لا يخفى : أنّ كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلّقا للطلب إنّما يكون بمعنى أنّ الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا ـ الّذي هو مفاد كان التامّة ـ وإفاضته. لا أنّه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل ـ كما توهّم (٧) ـ. ولا جعل الطلب متعلّقا بنفس الطبيعة وقد جعل وجودها غاية لطلبها ،
__________________
(١) أي : تعلّق الأمر بوجود الطبيعة الّتي تتخصّص بخصوصيّة في الخارج لا محالة ، من غير فرق بين أنحاء الخصوصيّة ، لا بوجود الطبيعة الخاصّة.
وأنت خبير بأنّه يرجع إلى ما ذكرنا من تعلّق الأمر بالفرد لا بالفرد الخاصّ ، بحيث كان الإتيان بكلّ فرد امتثالا للأمر ، فلم يتعلّق الأمر بالطبيعة.
(٢) المتوهّم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٥.
(٣) لا موجودة ولا معدومة ، لا مطلوبة ولا لا مطلوبة. والطلب انّما يتعلّق بالأشياء بداعي ما فيها من المصالح أو المفاسد القائمة بوجوداتها. وأمّا الطبائع بأنفسها بما هي ليست فيها مصلحة ولا مفسدة ، فلا وجه لتعلّقه بها.
(٤) أي : الطبيعة بما هي هي.
(٥) لعلّه إشارة إلى أنّ مدلول هيئة الأمر هو طلب الوجود ، فيكون لفظ الأمر اسما لطلب الوجود ، ولا إشكال في صحّة تعلّق طلب الوجود بالطبيعة من حيث هي ، فتكون الطبيعة من حيث هي متعلّقة للأمر.
(٦) ولعلّه إشارة إلى عدم صحّة كون الطبيعة من حيث هي متعلّقة للأمر بالبيان المذكور. وذلك لأنّ الطبيعة من حيث هي ليست متعلّقة لطلب الوجود الّذي هو مدلول هيئة الأمر ، بل متعلّقة لنفس الوجود ، ضرورة أنّ الماهية معروضة للوجود ، وبعد الوجود تعلّق به الطلب ، فلا يصحّ أن يقال : إنّ طلب الوجود متعلّق بالطبيعة بما هي هي.
(٧) المتوهّم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٦.