ما يكون فيها من المقتضيات ، وهو ثابت في تلك الموارد كسائر موارد الأمارات. وإنّما المنفيّ فيها ليس إلّا الحكم الفعليّ البعثيّ ، وهو منفيّ في غير موارد الإصابة وإن لم نقل بالإجزاء. فلا فرق بين الإجزاء وعدمه إلّا في سقوط التكليف بالواقع بموافقة الأمر الظاهريّ وعدم سقوطه بعد انكشاف عدم الإصابة. وسقوط التكليف بحصول غرضه أو لعدم إمكان تحصيله غير التصويب المجمع على بطلانه ـ وهو خلوّ الواقعة عن الحكم غير ما أدّت إليه الأمارة (١) ـ. كيف! وكان الجهل بها بخصوصيّتها (٢) أو بحكمها (٣) مأخوذا في موضوعها (٤) ، فلا بدّ من أن يكون الحكم الواقعيّ بمرتبته محفوظا فيها (٥) ، كما لا يخفى.
__________________
(١) لا يخفى : أنّ التصويب الباطل على نحوين :
الأوّل : ما ينسب إلى الأشاعرة. وهو أن يفرض أن لا حكم ثابتا في نفسه يشترك فيه العالم والجاهل ، بل الشارع ينشئ أحكامه على طبق ما تؤدّي إليه آراء المجتهدين.
الثاني : ما ينسب إلى المعتزلة. وهو أن تكون هناك أحكام واقعيّة ثابتة في نفسها يشترك فيها العالم والجاهل ، ولكن رأي المجتهد يؤثّر في تبدّل عنوان موضوع الحكم أو متعلّقة ، فتحدث على وفق ما أدّى إليه رأيه مصلحة غالبة على مصلحة الواقع ، فينشئ الشارع أحكاما ظاهريّة ثانويّة غير الأحكام الواقعيّة. ومعناه خلوّ الواقع عن الحكم غير ما أدّت إليه الأمارة.
فما ذكره المصنّف في المقام هو التصويب المنسوب إلى المعتزلة.
(٢ و ٣) أي : الواقعة.
(٤ و ٥) أي : الأمارات.