تذنيبان (١)
الأوّل : [عدم الإجزاء فيما إذا يتبدّل القطع]
لا ينبغي توهّم الإجزاء في القطع بالأمر في صورة الخطأ ، فإنّه لا يكون موافقة للأمر فيها ، وبقي الأمر بلا موافقة أصلا ، وهو أوضح من أن يخفى (٢).
نعم ، ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال (٣) أو على مقدار منها ولو في غير الحال غير ممكن مع استيفائه (٤) استيفاء الباقي منها ، ومعه لا يبقى مجال لامتثال الأمر الواقعيّ (٥) ، وهكذا الحال في الطرق. فالإجزاء ليس لأجل اقتضاء امتثال الأمر القطعيّ أو الطريقيّ للإجزاء ، بل إنّما هو لخصوصيّة اتّفاقيّة في متعلّقهما ، كما في الإتمام والقصر والإخفات والجهر.
الثاني : [عدم الملازمة بين الإجزاء والتصويب] (٦)
لا يذهب عليك أنّ الإجزاء في بعض موارد الاصول والطرق والأمارات ـ على ما عرفت تفصيله ـ لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه في تلك الموارد ، فإنّ الحكم الواقعيّ بمرتبته محفوظ فيها (٧) ، فإنّ الحكم المشترك بين العالم والجاهل والملتفت والغافل ليس إلّا الحكم الإنشائيّ المدلول عليه بالخطابات المشتملة على بيان الأحكام للموضوعات بعناوينها الأوّليّة بحسب
__________________
(١) التذنيب هو جعل الشيء. والذناب : عقيب كلّ شيء.
(٢) لأنّ القطع لا يوجب تحقّق الأمر ، لا واقعا ولا ظاهرا ، فلا يكون في البين إلّا تخيّل ثبوت الحكم.
(٣) أي : حال القطع.
(٤) أي : استيفاء ذلك المقدار من المصلحة.
(٥) فلا يجب الإتيان بالواقع حينئذ.
(٦) الغرض من عقد هذا التذنيب دفع توهّم ملازمة القول بالإجزاء للتصويب.
وحاصل التوهّم : أنّ الإجزاء يرجع إلى كون الواقع هو مؤدّى الأمارة ، وهو التصويب الّذي ثبت بطلانه بالإجماع ، فالإجزاء باطل ، لأنّه ملازم للتصويب الباطل.
(٧) أي في موارد الإجزاء.