وأمّا القسم الثاني فهو الوضوء للتجديد ، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً فصاعداً‌


ويقصدون بها الوضوء والغسل والتيمم ، فلا كلام في أنه بنفسه أمر مستحب ومما ندب إليه في الشريعة المقدسة ، لأن الله يحب المتطهرين فلا يحتاج حينئذٍ في صحته إلى قصد شي‌ء من غاياته ، لأجل الاستحباب النفسي على الفرض.

وإذا قلنا أن الطهارة كالملكية والزوجية وغيرهما من الأُمور الاعتبارية أمر مترتب على الغسلتين والمسحتين ، فلو كنّا نحن وما دلّ على أن الوضوء غسلتان ومسحتان لاكتفينا في الحكم بحصول الطهارة وترتبها عليهما بمجرد حصولهما في الخارج من غير اعتبار أي شي‌ء آخر في صحتها ، كما كنّا نحكم بحصول الطهارة الخبيثة بمجرد غسل البدن والثياب من دون اعتبار شي‌ء آخر في حصولها ، إلاّ أن الأدلة الدالة على أن الوضوء يعتبر فيه قصد القربة والإتيان به بنية صالحة ، دلتنا على أن الغسلتين والمسحتين غير كافيتين في حصول الطهارة ما لم يؤت بهما بنية صالحة مقربة. وعلى ذلك يمكن أن يؤتى بالوضوء بقصد شي‌ء من غاياته المترتبة عليه من دخول المساجد والمشاهد وقراءة القرآن والصلاة المندوبة أو غير ذلك مما أشار إليه في المتن ، لأنه وقتئذٍ قد أتى بالغسلتين والمسحتين وأضافهما إلى الله سبحانه باتيانهما بقصد شي‌ء من غاياته ، وقد فرضنا أنهما مع النية الصالحة محصلتان للطهارة بلا فرق في ذلك بين قصد الغاية التي تتوقف مشروعيتها على الوضوء كالصلاة الواجبة والمندوبة ، وما يتوقف عليه كمالها كالقراءة ودخول المساجد ونحوهما من غاياته.

إذن فلا يعتبر في صحة الوضوء أن يؤتى به بغاية الصلاة أو الكون على الطهارة ويصح بذلك الوضوء بجميع الغايات المذكورة في المتن فليلاحظ.

فقد اتضح بما سردناه الخلل في جملة من الاستدلالات على استحباب التوضؤ للغايات المذكورة في كلام الماتن قدس‌سره كما اتضح الوجه في جواز التوضؤ بجميع تلك الغايات المذكورة ، فلا حاجة إلى إطالة الكلام بالتعرض لحكم كل واحد واحد بالاستقلال.

۴۴۶