الواحد منهما والعقاب على تركهما.
فلا وجه في مثله للقول بكون الواجب هو أحدهما لا بعينه مصداقا (١) ؛
__________________
(١) فإنّه* وإن كان ممّا يصحّ أن يتعلّق به بعض الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ـ كالعلم ـ فضلا عن الصفات الاعتباريّة المحضة ـ كالوجوب والحرمة وغيرهما ممّا كان من خارج المحمول الّذي ليس بحذائه في الخارج شيء غير ما هو منشأ انتزاعه ـ ، إلّا أنّه لا يكاد يصحّ البعث حقيقة إليه والتحريك نحوه ، كما لا يكاد يتحقّق الداعي لإرادته والعزم عليه ما لم يكن نائلا إلى إرادة الجامع والتحرّك نحوه ، فتأمّل جيّدا. منه رحمهالله.
* أي : أحدهما لا بعينه مصداقا ، وهو الفرد المردّد.
وفي بعض النسخ : «هو أحدهما لا بعينه مفهوما». والأولى بل الصحيح كما في بعض النسخ ما أثبتناه ، ضرورة أنّه لا معنى للتقسيم إلى بعينه ولا بعينه إلّا باعتبار واقع أحدهما. وأمّا مفهوم أحدهما معيّن دائما ولا ينقسم إلى بعينه ولا بعينه.
وتوضيحه : أنّ القول بكون الواجب هو أحدهما أو أحدها يرجع إلى قولين :
أحدهما : أنّ الواجب هو مفهوم «أحدهما» أو «أحدها». وهو الجامع الانتزاعيّ الصادق على كلّ من الطرفين أو الأطراف في نفسه ، ضرورة أنّه يصدق على كلّ طرف أنّه أحد الأمرين أو أحد الامور.
أشار المصنّف إليه بقوله الآتي : «ولا مفهوما». وهذا ما اختاره المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٤ : ٤٠ ـ ٤٤.
ثانيهما : أنّ الواجب هو واقع أحدهما أو أحدها ، أعني : الفرد المردّد بحسب الخارج. فالواجب في خصال الكفّارة هو مصداق أحدها لا بعينه ، أي الفرد المردّد بين الصوم والعتق والطعام.
وهذا ما اختاره المحقّق النائينيّ وأطال الكلام في بيانه ، فراجع أجود التقريرات ١ : ١٨٣.
ولا يخفى ما في كلا القولين :
أمّا الأوّل : فلأنّ متعلّق الأمر ليس إلّا ما يكون فيه المصلحة ويترتّب عليه الغرض ، ومن الواضح أنّ المصلحة ليست في مفهوم الشيء ، بل إنّما هي في واقع الشيء.
وأمّا الثاني : فأورد عليه المصنّف بما مرّ في التعليقة. وأورد عليه المحقّق الاصفهانيّ أيضا بوجهين :
الأوّل : أنّ المردّد لا واقع له أصلا ، لا في الخارج ولا في الذهن ، لأنّ كلّ ما يوجد فيهما معيّن لا محالة. وما لا واقع له لا يمكن أن يكون معروضا لعرض أصلا.
الثاني : أنّ تعلّق الصفة بالمردّد يستلزم إمّا انقلاب المعيّن ـ أي البعث ـ إلى المردّد ، أو انقلاب المردّد ـ وهو المتعلّق ـ إلى المعيّن ، وكلاهما خلف محال. راجع هامش نهاية الدراية ١ : ٤٩٤ ـ ٤٩٥.