وعن البهائيّ رحمهالله (١) أنّه أنكر الثمرة ، بدعوى أنّه لا يحتاج في استنتاج الفساد إلى النهي عن الضدّ ، بل يكفي عدم الأمر به ، لاحتياج العبادة إلى الأمر (٢).
وفيه : أنّه يكفي مجرّد الرجحان والمحبوبية للمولى كي يصحّ أن يتقرّب به منه ، كما لا يخفى. والضدّ ـ بناء على عدم حرمته ـ يكون كذلك ، فإنّ المزاحمة ـ على هذا (٣) ـ لا توجب إلّا ارتفاع الأمر المتعلّق به فعلا مع بقائه على ما هو عليه من ملاكه من المصلحة ـ كما هو مذهب العدليّة (٤) ـ أو غيرها (٥) أيّ شيء كان ـ كما هو مذهب الأشاعرة (٦) ـ وعدم (٧) حدوث ما يوجب مبغوضيّته وخروجه عن قابليّة التقرّب به ، كما حدث بناء على الاقتضاء (٨).
__________________
(١) نقل عنه في هداية المسترشدين : ٢٤٤.
(٢) وحاصل ما عن البهائيّ هو إنكار الثمرة بدعوى بطلان الضدّ العباديّ حتّى على القول بعدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه.
وتقريبه : أنّ الملاك في عباديّة الفعل والتقرّب به هو تعلّق الأمر به ، والضدّ العباديّ لا أمر به ، لأنّ الأمر به يرتفع بالمزاحمة مع الواجب الأهمّ ، فالضدّ العباديّ لا يقع صحيحا ، سواء قلنا بأنّه منهيّ عنه أو لم نقل به.
(٣) أي : على القول بعدم الاقتضاء وعدم حرمة الضدّ.
(٤) راجع : شرح التجريد «كشف المراد» : ٣٠٣ ، مفتاح الباب : ١٥٢.
(٥) أي : غير المصلحة.
(٦) راجع شرح المواقف ٨ : ١٩٢ ، شرح المقاصد ٤ : ٢٨٤ ، شرح التجريد (للقوشجىّ) : ٣٣٧.
(٧) معطوف على «بقائه».
(٨) وجدير بالذكر ما أفاده السيّد الإمام الخمينيّ ردّا على الشيخ البهائيّ وتصحيحا للأمر بالضدّ من دون التشبّث بالترتّب. وحاصل ما أفاده ـ بعد تقديم مقدّمات سبعة ـ : أنّه إذا واجهنا تكليفين متزاحمين إمّا أن يكون متعلّقا التكليفين متساويين في الجهة والمصلحة وإمّا أن يكون أحدهما أهمّ من الآخر.
فعلى الأوّل : لا إشكال في حكم العقل بالتخيير بين إتيان أيّهما شاء ، فإذا اشتغل بأحدهما يكون في مخالفة الأمر الآخر معذورا عقلا ، ومع عدم اشتغاله بذلك لا يكون معذورا في ترك واحد منهما ، لأنّ المفروض أنّه قادر على كلّ منهما ، وإنّما يصير عاجزا عن أحدهما إذا اشتغل بإتيان الآخر.
وعلى الثاني : فإن اشتغل بإتيان الأهمّ فهو معذور في ترك المهمّ ، لعدم القدرة عليه مع ـ