لا مركّبا من طلبين. نعم ، في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ربما يقال : «الوجوب يكون عبارة من طلب الفعل مع المنع عن الترك» ، ويتخيّل منه أنّه يذكر له حدّا. فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوّماته ، بل من خواصّه ولوازمه ، بمعنى أنّه لو التفت الآمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة ، وكان (١) يبغضه البتّة.
ومن هنا انقدح أنّه لا وجه لدعوى العينيّة (٢) ، ضرورة أنّ اللزوم يقتضي الاثنينيّة ، لا الاتّحاد والعينيّة. نعم ، لا بأس بها بأن يكون المراد بها أنّه يكون هناك طلب واحد ، وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه ، كذلك يصحّ أن ينسب إلى الترك بالعرض والمجاز ، ويكون زجرا وردعا عنه ، فافهم.
الأمر الرابع : [ثمرة المسألة]
تظهر الثمرة في أنّ نتيجة المسألة ـ وهي النهي عن الضدّ بناء على الاقتضاء ـ بضميمة أنّ النهي في العبادات يقتضي الفساد ، ينتج فساده إذا كان عبادة (٣).
__________________
(١) معطوف على النفي ، أي : لو التفت الآمر إلى الترك لكان يبغضه. والأولى أن يقول : «بل كان».
(٢) والمدّعي صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٩٢. ومراده من العينيّة أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ ، فيدلّ الأمر عليه حينئذ بالدلالة المطابقة.
(٣) وحاصل الثمرة ـ بعد تسليم أنّ النهي في العبادة يقتضي الفساد ـ هو فساد الضدّ إذا كان عبادة بناء على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، وصحّة الضدّ إذا كان عبادة بناء على عدم الاقتضاء. وهذه الثمرة أنكرها المحقّقان : النائينيّ والاصفهانيّ ، بدعوى صحّة الضدّ العباديّ حتّى على القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه.
أمّا المحقّق النائينيّ فأنكرها من جهة أنّ النهي الغيريّ عن العبادة لا يقتضي فسادها ، لأنّه لا يكشف عن وجود مفسدة في المنهيّ عنه ، وحينئذ فيكون المنهيّ عنه باقيا على ما هو عليه من المصلحة والمحبوبيّة الذاتيّة ، فيمكن التقرّب به إذا كان عبادة. أجود التقريرات ١ : ٢٦٥.
وتبعه في ذلك السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ـ ، فراجع مناهج الوصول ٢ : ٢٠ ، المحاضرات ٣ : ٨٧ ـ ٨٨ و ٥ : ٦ ـ ٧.
وأمّا المحقّق الاصفهانيّ فأنكرها من جهة أنّ الضدّ العباديّ وإن كان مبغوضا بالعرض ـ لمحبوبيّة تركه المقدّميّ ـ بل كان ملازما لمبغوض عرضيّ ـ وهو ترك الأهمّ ـ ، إلّا أنّه لا يمنع عن التقرّب به ، فالنهي عنه لا يقتضي فساده. نهاية الدراية ١ : ٤٤٦.