والتحقيق : أنّ ما كان منه (١) يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف وتحقيق متعلّقه ، وكان بلسان تحقّق ما هو شرطه أو شطره ، كقاعدة الطهارة أو الحلّيّة ـ بل واستصحابهما في وجه قويّ (٢) ـ ونحوها (٣) بالنسبة إلى كلّ ما اشترط بالطهارة أو

__________________

ـ تعالى وتترتّب عليه آثار الواقع ظاهرا.

إذا عرفت هاتين المقدّمتين فاعلم أنّهم اختلفوا في إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهريّ وعدمه على أقوال :

القول الأوّل : الإجزاء مطلقا ، في الاصول والأمارات. وهذا ما ذهب إليه المحقّق الاصفهانيّ بعد القول بسببيّة الأمارات. وذهب إليه السيّد البروجرديّ أيضا ، بل نسبه إلى الفقهاء إلى عصر الشيخ الأنصاريّ. بحوث في علم الاصول : ١٢٠ ـ ١٢٥ ، نهاية الاصول ١ : ١٢٩.

القول الثاني : عدم الإجزاء مطلقا. وهذا ما يظهر من الشيخ الأنصاريّ على ما في تقريرات درسه «مطارح الأنظار» : ٢١ ـ ٢٣. وذهب إليه المحقّق النائينيّ ـ قائلا أنّه مقتضى القواعد وإن ثبت الإجماع على الإجزاء في العبادات ـ ، فراجع فوائد الاصول ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٨ ، أجود التقريرات ١ : ١٩٧ ـ ١٩٩ و ٢٠٦.

القول الثالث : الإجزاء في خصوص الاصول الجارية لتنقيح موضوع التكليف وتحقيق متعلّقه ، كقاعدة الطهارة وأصالة الحلّيّة واستصحابهما ونحوها ، وعدم الإجزاء في الأمارات بناء على طريقيّتها. وهذا ما ذهب إلى المصنّف في المقام ، وتبعه السيّد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ١ : ٣١٥ و ٣١٧.

القول الرابع : ما ذهب إليه المحقّق العراقيّ من عدم الإجزاء في الأمارات على الطريقيّة مطلقا ، وعلى الموضوعيّة كذلك إلّا فيما إذا كان مفاد دليل الأمارة بلسان تنزيل المؤدّى مع اقتضائه لتوسعة الأثر الّذي هو موضوع التكليف الواقعيّ حقيقة. والتفصيل بين الاصول المتكفّلة للتنزيل ـ كالاستصحاب وقاعدتي الطهارة والحلّيّة ـ فلا يقتضى الإجزاء ، والاصول غير المتكفّلة للتنزيل فيقتضي الإجزاء. نهاية الأفكار ١ : ٢٤٣ ـ ٢٥٥ ، مقالات الاصول ١ : ٢٨٠ ـ ٢٨٥.

القول الخامس : التفصيل بين القول بالطريقيّة في باب الأمارات والحجج والقول بالسببيّة. فعلى الأوّل مقتضى القاعدة عدم الإجزاء في موارد الاصول والأمارات ، وعلى الثاني مقتضاها الإجزاء كذلك. وهذا ما ذهب إليه السيّد المحقّق الخوئيّ على ما في المحاضرات ٢ : ٢٦٠.

(١) أي : من الأمر الظاهريّ.

(٢) وهو كون المجعول في الاستصحاب حكما ظاهريّا مماثلا للحكم الواقعيّ ، كما يأتي في مبحث الاستصحاب من الاصول العمليّة إن شاء الله.

(٣) أي : نحو قاعدة الطهارة وقاعدة الحلّيّة واستصحابيهما ، كقاعدة الفراغ والتجاوز.

۲۹۶۱