إيجاب (١) القضاء بطريق أولى. نعم ، لو دلّ دليله على أنّ سببه فوت الواقع ولو لم يكن هو فريضة كان القضاء واجبا عليه لتحقّق سببه وإن أتى بالغرض ، لكنّه مجرّد الفرض.
المقام الثاني : في إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهريّ وعدمه (٢)
__________________
ـ والتحقيق : أنّ الأمر متعلّق بالطبيعة الّتي لها مصاديق مختلفة ، وللمكلّف أن يخيّر بينها ، غاية الأمر يكون فردها حال الاضطرار الفرد الاضطراريّ كما يكون فردها حال الاختيار الفرد الاختياريّ ، فله أن يخيّر بين الإتيان بالصلاة مع الطهارة الترابيّة فيما إذا طرأ عليه الاضطرار وبين الانتظار إلى زمان رفع الاضطرار والإتيان بالاختياريّ ، كما أنّ المكلّف مخيّر بين أن يأتي بالصلاة الثنائيّة حال السفر وبين أن ينتظر إلى أن يتمّ السفر قبل إتمام وقت الصلاة ويأتي بالرباعيّة.
وبالجملة : فلا يعقل بقاء الأمر مع الإتيان بالمأمور به الاضطراريّ ، فإنّه مصداق للطبيعة المأمور بها ، فلا مجال للتشكيك في الإجزاء ولا في عدم وجوب الإعادة.
(١) وفي بعض النسخ : «عن إيجاب» ، والصحيح ما أثبتناه ، وهو الموافق لما في النسخة الأصليّة.
(٢) وقبل الخوض في تحقيق المقام ينبغي تقديم مقدّمتين :
الاولى : في محلّ النزاع. وهو فيما إذا كان المأمور به والتكليف به معلوما ، وكان مركّبا ذا شرائط وموانع ، وقام الدليل على تحقّق جزء أو شرط أو عدم مانع أو على نفي جزئيّة جزء أو شرطيّة شرط أو مانعيّة مانع ، ثمّ انكشف أنّ المأمور به غير ما دلّ عليه الدليل ، فيقع الكلام في أنّ الإتيان بهذا المركّب مع ترك ما يعتبر فيه حسب ما يؤدّى إليه الأمارة أو الأصل هل يوجب الإجزاء عن المأمور به الواقعيّ أم لا؟ فلو قام أصل أو أمارة على عدم جزئيّة السورة ـ مثلا ـ في الصلاة ، فصلّى ولم يأت بالسورة ، ثمّ انكشف أنّ السورة جزء للصلاة فهل تكون الصلاة الفاقدة للسورة مجزئة عن الصلاة مع السورة أم لا؟
وأمّا إذا شكّ في أصل المأمور به والتكليف به ، وقام دليل على التكليف به أو على عدم التكليف به ثمّ انكشف خلافه ، فلا يدخل في محلّ النزاع ، ولا معنى للإجزاء فيه.
والظاهر من كلماتهم أنّ النزاع لا يختصّ بالشبهات الحكميّة ، بل يعمّ الشبهات الموضوعيّة ؛ بخلاف السيّد المحقّق الخوئيّ ، فإنّه صرّح باختصاص محلّ النزاع بالشبهات الحكميّة ، فراجع المحاضرات ٢ : ٢٦٠.
الثانية : في الفرق بين الأصل والأمارة. وهو ـ كما قيل ـ أنّ الأصل حكم كلّيّ مجعول للمكلّف في مقام العمل عند الحيرة والشكّ بلا نظر إلى الواقع ؛ والأمارة هي ما يدلّ على ثبوت الحكم واقعا في ظرف الشكّ في الواقع وأنّ مؤدّاها حكم واقعيّ تصحّ نسبته إلى الله ـ