علم أنّ مجرّد امتثاله لا يكون علّة تامّة لحصول الغرض وإن كان وافيا به لو اكتفى به ؛ كما إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه فلم يشربه بعد ، فإنّ الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد. ولذا لو اهرق الماء واطّلع عليه العبد وجب عليه إتيانه ثانيا ، كما إذا لم يأت به أوّلا ، ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه ، وإلّا لما أوجب حدوثه ، فحينئذ يكون له الإتيان بماء آخر موافق للأمر ، كما كان له قبل إتيانه الأوّل ، بدلا عنه.
نعم ، فيما كان الإتيان علّة تامّة لحصول الغرض ، فلا يبقى موقع للتبديل ، كما إذا امر بإهراق الماء في فمه لرفع عطشه فأهرقه. بل لو لم يعلم أنّه من أيّ القبيل فله التبديل باحتمال أن لا يكون علّة ، فله إليه سبيل (١).
ويؤيّد ذلك ، بل يدلّ عليه ما ورد من الروايات في باب إعادة من صلّى فرادى جماعة وأنّ الله تعالى يختار أحبّهما إليه (٢).
الموضع الثاني
[في إجزاء وعدم إجزاء الإتيان بالمأمور به الاضطراريّ أو الظاهريّ]
وفيه مقامان :
__________________
(١) ولا يخفى : أنّ ما ذهب إليه المصنّف ـ من جواز الامتثال عقيب الامتثال فيما إذا علم أنّ الامتثال الأوّل لا يكون علّة تامّة لحصول الغرض ـ واقع مورد النقض والإبرام بين المحقّقين من الأعلام.
فذهب المحقّق العراقيّ إلى امتناعه عقلا ؛ والمحقّق الاصفهانيّ إلى أنّ إتيان المأمور به بحدوده علّة تامّة لحصول الغرض مطلقا فيسقط الأمر ولا مجال للامتثال ثانيا ؛ والمحقّق النائينيّ إلى أنّ تبديل الامتثال في الشرعيّات يحتاج إلى دليل يكشف عن عدم سقوط الغرض عند سقوط الأمر ، ومع عدم الدليل لا يمكن للمكلّف التبديل ، ولم نعثر في الشريعة على دليل عليه. فراجع بدائع الأفكار ١ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، نهاية الدراية ١ : ٢٦٣ ، فوائد الاصول ١ : ٢٤٣.
وذهب السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والسيّد الخوئيّ ـ إلى امتناع الامتثال بعد الامتثال مطلقا. فراجع المحاضرات ٢ : ٢٢٥ ، ومناهج الوصول ١ : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٢) راجع الوسائل ٥ : ٤٥٥ ـ ٤٥٧ ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة.