الأشاعرة من المغايرة بين الطلب والإرادة (١) ، خلافا لقاطبة أهل الحقّ والمعتزلة من اتّحادهما(٢).

فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما هو الحقّ في المقام ، وإن حقّقناه في بعض فوائدنا (٣) إلّا أنّ الحوالة لمّا لم تكن عن المحذور خالية ، والإعادة بلا فائدة ولا إفادة (٤) ، كان المناسب هو التعرّض هاهنا أيضا.

فاعلم أنّ الحقّ كما عليه أهله ـ وفاقا للمعتزلة وخلافا للأشاعرة ـ هو اتّحاد الطلب والإرادة ، بمعنى أنّ لفظيهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد ، وما بإزاء أحدهما في الخارج يكون بإزاء الآخر (٥) ، والطلب المنشأ بلفظه (٦) أو بغيره عين الإرادة الإنشائيّة.

وبالجملة : هما متّحدان مفهوما وإنشاء وخارجا ، لا أنّ الطلب الإنشائيّ الّذي هو المنصرف إليه إطلاقه ـ كما عرفت ـ متّحد مع الإرادة الحقيقيّة الّتي ينصرف إليها إطلاقها أيضا ، ضرورة أنّ المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس.

فإذا عرفت المراد من حديث العينيّة والاتّحاد ، ففي مراجعة الوجدان ـ عند طلب شيء والأمر به حقيقة ـ كفاية ، فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان ، فإنّ الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة اخرى قائمة بها يكون هو الطلب

__________________

(١) راجع شرح المواقف ٨ : ٩٣ ، شرح التجريد (للقوشجيّ) : ٢٤٦ ، نقد المحصّل : ١٧٠.

(٢) راجع كشف المراد : ٢٢٣.

(٣) فوائد الاصول (للمصنّف) : ٢٣.

(٤) هكذا في النسخة الأصليّة والنسخة الاخرى الموجودة عندنا. وعليه يكون معنا العبارة : ولمّا لم تكن الإعادة بلا فائدة ولا إفادة.

وفي النسخة المطبوعة بالطبع الحجريّ المزيّنة بحاشية المحقّق المشكينيّ ١ : ٩٥ ، هكذا : «والإعادة ليس بلا فائدة ولا إفادة». وعليه يكون قوله : «الإعادة» معطوفا على نفس كلمة «الحوالة» ، فيكون معناها : إلّا أنّ الإعادة ليست بلا فائدة.

والأولى أن يقول : «الّا أنّه لمّا لم تكن الحوالة خالية عن المحذور ولم تكن الإعادة بلا فائدة ...».

(٥) فهما متّحدان مفهوما ومصداقا.

(٦) أي : بلفظ الطلب ، كأن يقال : أطلب منك كذا.

۲۹۶۱