أنّ الأمر في «جاء زيد لأمر» ما استعمل في معنى الغرض ، بل اللام قد دلّ على الغرض ؛ نعم يكون مدخوله مصداقه (١) ، فافهم (٢). وهكذا الحال في قوله تعالى : ﴿فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا﴾ ، [فإنّ الأمر] (٣) يكون مصداقا للتعجّب ، لا مستعملا في مفهومه. وكذا في الحادثة والشأن.
وبذلك ظهر ما في دعوى الفصول (٤) من كون لفظ «الأمر» حقيقة في المعنيين الأوّلين (٥).
ولا يبعد دعوى كونه حقيقة في الطلب ـ في الجملة (٦) ـ والشيء (٧).
__________________
(١) أي : يكون مدخول اللام ـ وهو الأمر الّذي استعمل في مفهوم غير مفهوم الغرض ـ مصداق الغرض بدلالة اللام.
(٢) لعلّه إشارة إلى ما ذكره المحقّق الاصفهانيّ من أنّ اشتباه المفهوم بالمصداق انّما يكون فيما إذا كان اللفظ موضوعا للمصداق من حيث أنّه مصداق ويدّعى وضعه للمفهوم ، كما لو وضع اللفظ للغرض ـ مثلا ـ بالحمل الشائع فيدّعى وضعه للغرض بالحمل الأوّلى. وأمّا إذا لم يوضع اللفظ للمصداق وكان معنى من المعانى مصداقا لمعنى آخر ـ كما هو كذلك في هذه المعاني المنقولة في المتن ـ فلا يكون ادّعاء وضعه لذلك المعنى من الاشتباه بين المفهوم والمصداق. نهاية الدراية ١ : ١٧٣.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ.
(٤) الفصول الغرويّة : ٦٢.
(٥) أي : الطلب والشأن.
(٦) أي : بلا تعيين الخصوصيّات الّتي يبحث عن أخذها فيه من كونه بالصيغة وكونه صادرا من العالي وكونه وجوبيّا أو الأعمّ وغيرها.
(٧) فالأمر عند المصنّف رحمهالله مشترك لفظيّ بين الطلب والشيء.
وقد خالفه الأعلام الثلاثة :
أمّا المحقّق الاصفهانيّ : فأورد على المصنّف بأنّ وضع لفظ «الأمر» للشيء يقتضي ترادفهما الموجب لصحّة استعمال كلّ منهما مكان الآخر ، والأمر ليس كذلك ، فإنّه لا يقال : «رأيت أمرا» إذا رأينا فرسا ـ مثلا ـ ، ولكن يصحّ أن يقال : «رأيت شيئا».
ثمّ ذهب إلى أنّ لفظ «الأمر» في جميع استعمالاته بمعنى واحد ، وهو الإرادة والطلب ، لكنّه يستعمل في متعلّق الإرادة بمعنى المفعول. نهاية الدراية ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥.
وأمّا المحقّق النائينيّ : فذهب إلى أنّ للأمر معنى واحد يندرج في كلّ المعاني ، وهو «الواقعة ذات الأهميّة» ، فإنّه ينطبق تارة على الطلب ، واخرى على الغرض ، وثالثة على الحادثة ، وهكذا. فلفظ الأمر مشترك معنويّ. أجود التقريرات ١ : ٨٦ ، فوائد الاصول ١ : ١٢٨. ـ