شراشر شرائطه غير عدم وجود ضدّه ، ولعلّه كان محالا ، لأجل انتهاء عدم وجود أحد الضدّين مع وجود الآخر إلى عدم تعلّق الإرادة الأزليّة به وتعلّقها بالآخر حسب ما اقتضته الحكمة البالغة ، فيكون العدم دائما مستندا إلى عدم المقتضي ، فلا يكاد يكون مستندا إلى وجود المانع كي يلزم الدور (١).
إن قلت : هذا إذا لوحظا منتهيين إلى إرادة شخص واحد. وأمّا إذا كان كلّ منهما متعلّقا لإرادة شخص ، فأراد ـ مثلا ـ أحد الشخصين حركة شيء وأراد الآخر سكونه ، فيكون المقتضي لكلّ منهما حينئذ موجودا ، فالعدم لا محالة يكون فعلا مستندا إلى وجود المانع.
قلت : [العدم] هاهنا أيضا (٢) مستند إلى عدم قدرة المغلوب منهما في إرادته ـ وهي ممّا لا بدّ منه في وجود المراد ، ولا يكاد يكون بمجرّد الإرادة بدونها ـ ، لا إلى وجود الضدّ ، لكونه مسبوقا بعدم قدرته ، كما لا يخفى (٣).
__________________
(١) حاصل التفصّي : أنّ توقّف وجود كلّ من الضدّين على عدم الضدّ الآخر فعليّ ، وتوقّف عدم الضدّ على وجود الضدّ الآخر تقديريّ ، فيرتفع الدور.
بيان ذلك : أنّ وجود الشيء يستند إلى جميع أجزاء علّته فعلا ، فوجود الضدّ مستند فعلا إلى عدم الضدّ الآخر ، لأنّه عدم المانع بالإضافة إلى وجود الضدّ ، وعدم المانع من أجزاء العلّة. وأمّا عدم الضدّ فهو لا يستند إلى وجود الضدّ الآخر ـ أعني وجود المانع ـ إلّا في صورة ثبوت مقتضى الضدّ الآخر ـ أعنى إرادة وجود الضدّ الآخر ـ وسائر شرائطه ، وإلّا فلو لم يكن المقتضي ـ أي الإرادة ـ موجودا استند عدم الضدّ إلى عدم ثبوت المقتضي ، لا إلى وجود الضدّ الآخر.
وبالجملة : فاستناد وجود الضدّ إلى عدم الضدّ الآخر فعليّ ، واستناد عدم الضدّ إلى وجود الضدّ الآخر تقديريّ ، فلا يلزم الدور.
وقوله : «ولعلّه كان محالا ...» أي : ولعلّ ثبوت مقتضي الضدّ الآخر لا يتحقّق أبدا. وذلك لأنّ مع إرادة المانع عن الضدّ ـ وهو الضدّ الآخر ـ لا يمكن أن تكون هناك إرادة اخرى تتعلّق بالضدّ ، فإذا فرض وجود أحد الضدّين لا بدّ أن يفرض عدم ثبوت مقتضي الضدّ الآخر ، وحينئذ يستند عدم الضدّ الآخر إلى عدم المقتضي ، لا إلى وجود المانع.
(٢) وفي النسخ سقط كلمة : «العدم».
(٣) والحاصل : أنّه إذا فرض أنّ كلّ واحد من الضدّين متعلّق لإرادة شخص واحد ، فحينئذ ـ