لا يقال : كيف؟ ولا يكاد يكون فعل إلّا عن مقدّمة لا محالة معها يوجد ، ضرورة أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد.

فإنّه يقال : نعم ، لا محالة يكون من جملتها ما يجب معه صدور الحرام ، لكنّه لا يلزم أن يكون ذلك من المقدّمات الاختياريّة ، بل من المقدّمات الغير الاختياريّة ، كمبادئ الاختيار الّتي لا تكون بالاختيار ، وإلّا لتسلسل ، فلا تغفل وتأمّل.

__________________

ـ من العدم إلى الوجود ، وهو الجزء الأخير في المترتّبات وأحد الأجزاء في غيرها. مناهج الوصول ١ : ٤١٥ ـ ٤١٨.

وفي المقام تفاصيل أخر لا بأس بالتعرّض لبعضها :

الأوّل : أنّ مقدّمة الحرام هي المقدّمة حال الايصال إلى المحرّم ، دون مطلق المقدّمة.

فتكون كلّ مقدّمة من مقدّمات فعل الحرام متّصفة بالحرمة الغيريّة في ظرف انضمامها ببقيّة المقدّمات الملازم لترتّب الحرام عليها. هذا ما ذهب إليه المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٣٥٧ ، وبدائع الأفكار ١ : ٤٠٣.

الثاني : أنّ ترك الحرام يتحقّق بترك إحدى مقدّمات الوجود ، ومنه علم أنّ مقتضى القاعدة وجوب أحد التروك تخييرا ، وتعيّنه في ترك المقدّمة الأخيرة ، لا وجوب ترك الأخيرة بقول مطلق. وهذا ما اختاره المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ١ : ٤٢٢.

الثالث : أنّ مقدّمة الحرام تنقسم إلى ثلاثة أقسام :

أحدها : ما لا يتوسّط بينه وبين ذيه اختيار الفاعل وإرادته ، بحيث لو أتى بالمقدّمة فيقع ذو المقدّمة في الخارج قهرا. وهذا القسم حرام بالحرمة النفسيّة ، لا غيريّة ، لأنّ النهي الوارد على ذي المقدّمة وارد عليها حقيقة.

ثانيها : ما يتوسّط بينه وبين ذيه اختيار الفاعل ، إلّا أنّ الفاعل يقصد بإتيانه التوصّل إلى الحرام. وهذا القسم أيضا حرام ، غاية الأمر أنّها حرام بالحرمة النفسيّة لو قلنا أنّ حرمتها من باب حرمة التجرّي ، وبالحرمة الغيريّة لو قلنا بسراية الحرمة إليه من ذي المقدّمة.

وثالثها : ما يتوسّط بينه وبين ذيه إرادة الفاعل ، إلّا أنّه لم يقصد بإتيانه التوصّل إلى الحرام. وهذا القسم ليس بحرام.

هذا ما أفاده المحقّق النائينيّ على ما في تقريرات بحث المحقّق الخوئيّ ، فراجع المحاضرات ٢ : ٤٣٩.

ولا يخفى : أنّ هذه التفاصيل أيضا لا تخلو عن المناقشة ، فإن أردت التحقيق حول ما أفادوه والاطّلاع على سائر التفاصيل والآراء فراجع مناهج الوصول ١ : ٤١٥ ـ ٤١٩ ، ودرر الفوائد ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، ونهاية الاصول : ١٨٨ ، ومحاضرات في اصول الفقه ٢ : ٤٣٩ ـ ٤٤٠.

۲۹۶۱