وإنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقيقيّ وتحريكا إلى مراده الواقعيّ ـ لا ينافي اتّصافه بالطلب الإنشائيّ أيضا ، والوجود الإنشائيّ لكلّ شيء ليس إلّا قصد حصول مفهومه بلفظه ، كان هناك طلب حقيقيّ أو لم يكن ، بل كان إنشاؤه بسبب آخر (١).
ولعلّ منشأ الخلط والاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق ، فتوهّم منه أنّ مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيّا يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع. ولعمري أنّه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ، فالطلب الحقيقيّ إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة (٢) قابلا له ، وإن تعارف تسميته بالطلب أيضا. وعدم تقييده بالإنشائيّ لوضوح إرادة خصوصه وأنّ الطلب الحقيقيّ لا يكاد ينشأ بها ، كما لا يخفى.
فانقدح بذلك صحّة تقييد مفاد الصيغة بالشرط (٣) ـ كما مرّ هاهنا بعض
__________________
(١) والحاصل : أنّ الفعل يتّصف بالمطلوبيّة الإنشائيّة بمجرّد الإنشاء ، لتعلّق الطلب الإنشائيّ به ، غاية الأمر أنّ المطلوبيّة الإنشائيّة قد تلازم المطلوبيّة الحقيقيّة فتكون سببا لإنشائه ، وقد تنفكّ عنه وكان سبب إنشائه أمرا آخر ، كالامتحان.
(٢) وهو مفهوم الطلب.
(٣) فيصحّ التمسّك بإطلاق الهيئة على إثبات النفسيّة. وتقريبه : أنّ الهيئة وإن كانت موضوعة لما يعمّ الطلب النفسيّ والغيريّ ، إلّا أنّ إطلاقها يقتضي كونه نفسيّا ، لأنّ الوجوب النفسيّ هو الوجوب الثابت المطلق ، سواء وجب شيء آخر أو لا ، والوجوب الغيريّ هو الوجوب الثابت المقيّد بوجوب شيء آخر ، فالوجوب الغيريّ مقيّد ويحتاج إلى مئونة زائدة على أصل مدلول الكلام ، فمع عدم مئونة زائدة يتمسّك بإطلاق الهيئة في ثبوت الواجب المطلق ، وهو الوجوب النفسيّ.
ولا يخفى : أنّ ما ذكره في المقام ينافي ما تقدّم منه في مبحث الواجب المشروط من رجوع القيد إلى الهيئة. وينافي أيضا ما يأتي منه في مبحث مفهوم الشرط من عدم قابليّة المعنى الحرفيّ للإطلاق لكونه ملحوظا آليّا.
وقطع النظر عن المناقضة المذكورة فأورد المحقّق الاصفهانيّ على ما أفاده المصنّف في المقام إيرادات ثلاثة.
والمحقّق النائينيّ أيضا ناقش في إيراد المصنّف على الشيخ الأنصاريّ وادّعى أنّ المصنّف خلط بين المفهوم والمصداق ، لا الشيخ. ثمّ ناقش في أصل الاستدلال. ولكن أجاب المحقّق الاصفهانيّ عن المناقشة الاولى ، كما أجاب السيّد الإمام الخمينيّ عن ـ