مثل التقييد الّذي يكون على خلاف الأصل.
وبالجملة : لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل إلّا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدّمات الحكمة ، ومع انتفاء المقدّمات لا يكاد ينعقد له (١) هناك ظهور كان (٢) ذاك العمل ـ المشارك مع التقييد في الأثر وبطلان العمل بإطلاق المطلق ـ مشاركا معه في خلاف الأصل أيضا (٣).
وكأنّه توهّم أنّ إطلاق المطلق (٤) كعموم العامّ (٥) ثابت ورفع اليد عن العمل به (٦) تارة لأجل التقييد واخرى بالعمل المبطل (٧) للعمل به.
__________________
(١) أي : للمطلق.
(٢) هكذا في جميع النسخ. ولكن الصحيح «ليكون».
(٣) والحاصل : أنّه إذا كان القيد متّصلا ورجع إلى الهيئة لم يتّجه هذا الوجه الثاني ، لأنّ تقييد الهيئة يكون مانعا من انعقاد الظهور الإطلاقيّ في المادّة ، فلا يثبت ظهور للمادّة في الإطلاق كي يرفع بتقييد الهيئة ويكون التصرّف فيه مخالفة للظاهر ويوجب ارتكاب خلاف الأصل ؛ فلا يدور الأمر بين تقييد وتقييدين ، بل بين تقييد وتقييد. وأمّا إذا كان القيد منفصلا فحيث أنّه انعقد الظهور للمادّة في الإطلاق فرجوع القيد إلى الهيئة يوجب رفع اليد عن هذا الظهور ، وهو خلاف الأصل ، هذا.
ولكن المحقّق النائينيّ خالف المصنّف في تفصيله ووافق الشيخ الأنصاريّ وذهب إلى رجوع القيد إلى المادّة مطلقا ، سواء كان القيد متّصلا أم منفصلا. أجود التقريرات ١ : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، فوائد الاصول ١ : ٢١٧ ـ ٢١٨.
والمحقّق الاصفهانيّ وافق المصنّف بدعوى عدم الملازمة بين تقييد الهيئة وتقييد المادّة من جهة أنّ رجوع القيد إلى المادّة إنّما يوجب تقييد المادّة من جهة مطلوبيّتها مع القيد ، وأمّا إطلاقها من جهة الوفاء بتمام مصلحتها بدون القيد باق على حاله ولا ينثلم بتقييد الهيئة. فراجع نهاية الدراية ١ : ٣٦٢ ـ ٣٦٦.
ووافقه أيضا السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ـ. فالأوّل وافقه بدعوى أنّ هذا النحو من الاستلزام ينعكس في جانب تقييد المادّة ، فتقييد كلّ منها يوجب نحو تضييق لصاحبتها وابطالا لمحلّ إطلاقها. والثاني وافقه بدعوى نفي الملازمة بين تقييد الهيئة وتقييد المادّة من جهة أنّ النسبة بين التقييدين عموم من وجه. فراجع تفصيل كلاميهما في مناهج الوصول ١ : ٣٦١ ـ ٣٧٠ ، والمحاضرات ٢ : ٣٤٢ ـ ٣٤٤.
(٤) أي : إطلاق المادّة.
(٥) أي : عموم الهيئة.
(٦) أي : بإطلاق المطلق ، أعني : المادّة.
(٧) وهو في المقام تقييد الهيئة.