مخالفته ، كما في قوله تعالى : ﴿ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ»﴾ (١).
وتقسيمه إلى الإيجاب والاستحباب (٢) إنّما يكون قرينة على إرادة المعنى الأعمّ منه في مقام تقسيمه (٣) ، وصحّة الاستعمال في معنى أعمّ من كونه (٤) على نحو الحقيقة ، كما لا يخفى.
وأمّا ما افيد من أنّ الاستعمال فيهما ثابت ، فلو لم يكن موضوعا للقدر المشترك بينهما لزم الاشتراك أو المجاز (٥) ؛ فهو غير مفيد ، لما مرّت الإشارة إليه في الجهة الاولى وفي تعارض الأحوال ، فراجع (٦).
والاستدلال بأنّ فعل المندوب طاعة ، وكلّ طاعة فهو فعل المأمور به (٧). فيه
__________________
ـ على الوجوب بمعونة القرينة ، كقرينة المشقّة في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو لا أن أشقّ ...» ، وقرينة مقابلة الأمر بالشفاعة في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ، انّما أنا شفيع».
(١) الأعراف / ١٢.
وجه التأييد أنّه لا تصحّ مؤاخذة العبد وتوبيخه على مجرّد مخالفة أمر المولى ، إلّا إذا كان الأمر وجوبيّا.
(٢) إشارة إلى دليل القائلين بوضع لفظ «الأمر» لمطلق الطلب الجامع بين الوجوب والاستحباب.
وحاصله : أنّ تقسيم الأمر إلى الوجوب والاستحباب دليل على أنّ الموضوع له لفظ الأمر هو الجامع بينهما.
وهذا الدليل تعرّض له المحقّق القمّي وأورد عليه بما ذكر في المتن ، فراجع قوانين الاصول ١ : ٨١ ـ ٨٢.
(٣) فالتقسيم قرينة على استعمال ما وضع لمعنى خاصّ في الأعمّ منه.
(٤) أي : الاستعمال.
(٥) هذا دليل آخر لمن قال بوضع لفظ «الأمر» للطلب الوجوبيّ والطلب الندبيّ.
وتعرّض له صاحب الفصول ، ثمّ أراد توجيهه بحيث يرجع إلى ما رامه من أنّ «الأمر» حقيقة في طلب الفعل مطلقا ، ويتبادر منه الإلزام تبادرا إطلاقيّا. الفصول الغرويّة : ٦٥.
والمحقّق العراقيّ وافق صاحب الفصول فيما ذكر. نهاية الأفكار ١ : ١٦٠ ، ومقالات الاصول ١ : ٢٠٦.
(٦) راجع الأمر الثامن من الأمور المذكورة في المقدّمة : ٤٦. وراجع الصفحة : ١٢٠.
(٧) فالمندوب فعل المأمور به. وهذا الدليل أيضا تعرّض له المحقّق القمّي ثمّ أورد عليه بما ـ