الحديث ناظر إلى افعال المكلفين فيرفع آثارها وأحكامها إذا انطبق عليها أحد العناوين التسعة واما ما لا يكون بما هو فعل للمكلف وصادر عنه موضوعا لحكم بل هو موضوع له كيف ما اتفق كالملاقاة مع النجس مثلا فلا يرفع اثره بالحديث وان وقع بفعل المكلف لأن الحديث ناظر إلى رفع أثر افعال المكلفين.

وهذا الجواب لا بأس به لو لا انه لا يرفع الإشكال نهائيا ، فانه يفيد في مثال الملاقاة مع ان هناك ما يكون فعلا للمكلف وموضوعا لآثار تحميلية ومع ذلك لا ترتفع تلك الآثار بالحديث كالإتلاف نسيانا لمال الغير في مورد لا يكون تلفه موجبا للضمان فانه فعل للمكلف وبما هو كذلك يقع موضوعا للضمان ، وكمس الميت فانه فعل للمكلف وليس كالملاقاة التي قد تقع بين شيئين بلا نسبة إلى المكلف فهل يقال بشمول الحديث لرفع الضمان في الأول ووجوب الغسل في الثاني إذا وقعا بأحد العناوين التسعة والّذي ينبغي ان يقال : ان المعذرية المستفادة من الحديث للعناوين المذكورة فيها طعم إمضاء المعذرية العرفية العقلائية المركوزة في مثل هذه العناوين فليست تأسيسية محضة بل ملاكها مركوز لدى العرف ، ومن الواضح ان تلك المعذرية انما هو فيما إذا كان الحكم التحميلي المرتب على الموضوع مما يكون للاختيار والعمد دخل في ترتيبه سواء كان فعلا مباشرا للمكلف أو تسبيبيا ـ وكون الاختيار والعمد دخيلا في ترتب الحكم يستفاد اما من كون الفعل متعلقا للحكم الشرعي التكليفي حيث يشترط فيه الاختيار لا محالة ومن هنا متى ما انطبق أحد العناوين المذكورة على متعلق حكم تكليفي تحميلي ارتفع واما من وقوعه موضوعا لا متعلقا الا انه بنفسه يكون متضمنا للقصد والاختيار كما في الأفعال الإنشائية كالمعاملات. واما من وقوعه موضوعا لحكم تكليفي تحميلي يستظهر من دليل ترتيبه انه انما رتب عقوبة ومجازاة مما يكون ظاهرا في دخل الاختيار والعمد في ترتيبه كما في ترتيب الكفارة على الإفطار فيرتفع بالإكراه مثلا وشيء من ذلك غير صادق على مثل النجاسة بالملاقاة أو الجنابة بموجبها أو الضمان بالإتلاف أو الغسل بمس الميت.

الجهة السابعة ـ في نظرة إجمالية لتطبيق حديث الرفع على أقسام الحكم ، ذلك ان الحكم تارة يكون تكليفيا وأخرى وضعيا والأول تارة يكون استقلاليا وأخرى ضمنيا. اما التكليف الاستقلالي فقد اتضح مما سبق بعض الضوابط لتطبيق الحديث

۵۲۴۱