سقط عن الحجية في مورد التعارض في نفسه. فثبت ان اخبار الاحتياط لو تم شيء منها فاما يخصص بالقرآن أو يسقط عن الحجية.
الجهة الثالثة ـ في النسبة بين اخبار الاحتياط ودليل الاستصحاب المثبت للبراءة وقد ذكرت مدرسة المحقق النائيني ( قده ) ان الاستصحاب يكون حاكما على اخبار الاحتياط لأن موضوعها الشك واستصحاب عدم التكليف قد يجعلنا عالمين بالعدم تعبدا.
وفيه : أولا ـ ابتناؤه على مبنى جعل الطريقية والعلمية للاستصحاب وهو مرفوض عندنا في الأمارات فضلا عن الأصول كما تقدم في محله.
وثانيا ـ لو قبلنا كبرى جعل الطريقية فلا بد وان يكون في باب الاستصحاب بغير معنى إلغاء الشك واعتباره علما ولأنه قد أخذ في موضوع الاستصحاب الشك أيضا فلا بد وان يكون تعبدا ببقاء اليقين ونحو ذلك من دون إلغاء الشك الّذي هو موضوع الاحتياط فلا حكومة ، نعم يعقل ذلك في الأمارات حيث لم يؤخذ لفظ الشك في لسان أدلة اعتبارها.
وثالثا ـ ما تقدم مرارا من انه كما يكون دليل الأمر بالعمل بالأمارة والاستصحاب ودليلا على الحجية وجعل الطريقية وإلغاء الشك كذلك يكون الدليل على الاحتياط والوقوف عند الشبهة دليلا على عدم جواز الاعتماد على طرفي الشبهة وعلى عدم إلغاء الشك ولزوم حفظ الواقع والاهتمام به (١).
الجهة الرابعة ـ لو فرض تعارض أدلة البراءة مع أدلة الاحتياط وتساقطهما فلو قلنا بالبراءة العقلية كانت المرجع بعد التساقط ، وعلى القول بإنكارها أيضا نثبت البراءة على مستوى البراءة العقلية بالدليل الشرعي ، فانه قد تقدم عند الحديث عن أدلة البراءة ان فيها ما يدل على البراءة حيث لم يصل دليل لا على الحكم الواقعي ولا على إيجاب الاحتياط فإذا فرض التعارض وعدم وصول حتى إيجاب الاحتياط كانت مثل
__________________
(١) هذا انما يمكن قبوله لو ورد الدليل النافي في نفس مورد الدليل المثبت كما في أدلة النهي عن اتباع الظن ودليل حجية الظن لا في المقام الّذي ورد فيه دليل الاحتياط في عنوان الشبهة من حيث هو شبهة لا من حيث انها مسبوقة باليقين فدليل الحجية يجعل الطريقية لليقين ودليل الاحتياط لا ينظر إليه لينفي طريقيته. بل يمكن في المقام تقريب تقديم دليل الاستصحاب على دليل الاحتياط بنفس البيان الّذي تقدم فيه دليل الاستصحاب على دليل البراءة الشرعية في موارد الاستصحابات الإلزامية.