المولوية وحق الطاعة للمولى الحقيقي في مورد الشك والجهل بحكمه أم لا ، وبمراجعة هذا الحكم العقلي نجد انه يحكم بحق الطاعة وتمامية مقتضي التنجيز لأحكامه في ذلك من دون فرق بين الشبهتين.
واما البحث في الجهة الثانية ـ فقد ذكر المحقق النائيني ( قده ) في رسالته في اللباس المشكوك كلاما محصله : ان الضابط في جريان البراءة أو الاشتغال في الشبهات الموضوعية انه إذا كان الشك فيما يستتبع التكليف كان مجرى للبراءة لأن الشك في المستتبع يوجب الشك في المستتبع فيكون الشك في أصل التكليف وان كان تمام ما يستتبع التكليف معلوما ولكن كان الشك في امر خارجي لا يستتبع التكليف بكل التكليف يستتبعه فهو مجري للاحتياط لأن الشك حينئذ في الامتثال بحسب الحقيقة.
ولتفصيل هذا الضابط في مجال التطبيق يقال : بان التكليف له ثلاثة أطراف ، المتعلق كشرب الخمر والصلاة ، والموضوع أي متعلق المتعلق كالخمر في ( لا تشرب الخمر ) والعالم في ( أكرم العالم ) والقيود المأخوذة في نفس التكليف كالبلوغ والعقل والقدرة ـ وهي شرائط عامة ـ ودخول الوقت والاستطاعة ـ وهي من الشرائط الخاصة ـ.
والشك إذا فرض في أصل التكليف بقطع النّظر عن أطرافه كانت الشبهة حكمية لا محالة وهو خروج عن موضوع البحث ، وإذا فرض الشك في أحد الأطراف المذكورة أمكن ان تكون الشبهة موضوعية حينئذ ، فإذا كان شكا في الطرف الثالث أي في تحقق شرائط التكليف العامة أو الخاصة فلا إشكال في جريان البراءة لأنه شك فيما يستتبع التكليف فيشك في أصله ، وإذا كان شكا في الطرف الثاني أي موضوع التكليف فإذا فرض الموضوع أمرا جزئيا فرغ عن وجوده خارجا وانما الشك في إضافة المتعلق إليه كما في القبلة فالشك بحسب الحقيقة ليس في الموضوع المستتبع للتكليف لأنه مفروض الوجود بحسب الفرض بل في الامتثال وتحقيق الواجب ، وإذا فرض الموضوع امرا كليا لا جزئيا فرغ عن وجوده فتارة يكون مأخوذا بنحو صرف الوجود كما في مثل ( توضأ بالماء ) وأخرى يكون مأخوذا بنحو مطلق الوجود كما في ( إكرام العالم ) ، ففي الأول إذا كان الشك في أصل وجود ذلك الموضوع خارجا ـ وهو الماء في المثال ـ كان من الشك في الموضوع المستتبع للتكليف فتجري البراءة ، وإذا كان أصل وجود الماء معلوما وانما الشك في فرد آخر منه فليس الشك في الموضوع المستتبع للتكليف