المقرونة بالعلم فيتعارضان بعد الانقلاب أيضا ، ولا يصح ملاحظة حديث الرفع أولا مع المخصص المنفصل الّذي يخرج عنه موارد العلم الإجمالي والشبهة قبل الفحص ثم ملاحظته مع القسم الثاني من اخبار الاحتياط لتكون النسبة عموما من وجه فان كلا من ذلك المخصص واخبار الاحتياط من القسم الثاني في عرض واحد يخصصان حديث الرفع وان كان أحدهما أخص من الآخر كما هو محقق في محله. ونفس النكتة ثابتة أيضا بناء على الأول أي القول باختصاص حديث الرفع في نفسه بالشبهة البدوية بعد الفحص ، فانه بناء على انقلاب النسبة لا يمكن ان يتوهم وقوع التعارض بين حديث الرفع والقسم الأول من اخبار الاحتياط بالعموم من وجه بعد تخصيصه بغير الشبهة الموضوعية فيصير حاله حال القسم الثاني منها ، لأن كلا من أدلة تخصيص الشبهة الموضوعية وحديث الرفع مخصصان في عرض واحد لقسم الأول من اخبار الاحتياط وان كان أحدهما أخص من الآخر فلا يصح إعمال أحدهما قبل الآخر في ملاحظة النسبة وهذا واضح.
هذا كله مع قطع النّظر عن تطبيق قواعد الترجيح عند التعارض والا فلا بد من ترجيح اخبار البراءة لموافقتها مع الكتاب وهو مقدم على الترجيح بمخالفة العامة حتى لو فرض تمامية صغراها في المقام. نعم هذا انما يجدي بناء على القول باختصاص اخبار البراءة بالشبهة البدوية بعد الفحص بمخصص كالمتصل والا فحتى على تقدير ترجيحها على القسم الأول من اخبار الاحتياط تخصص بالقسم الثاني فتختص بالشبهة الموضوعية.
الجهة الثانية ـ في ملاحظة النسبة بين اخبار الاحتياط والآيات القرآنية التي استدل بها على البراءة ، والعمدة منها اثنان على ما تقدم.
إحداهما ـ قوله تعالى ( ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) وقد مضى انها مختصة بالشبهة الحكمية بعد الفحص. كما ان لسانها آب عن إمكان التخصيص فتقدم على اخبار الاحتياط لا محالة.
الثانية ـ قوله تعالى ( لا يكلف نفسا الا ما أتاها ) وقد مضى ان نسبتها مع اخبار الاحتياط العموم من وجه لعدم شمولها الشبهة قبل الفحص ، وسوف يأتي في بحوث التعارض ان خبر الواحد إذا كان معارضا مع القرآن الكريم بنحو العموم من وجه