منه الكشف عن الحكم الواقعي وجعله دليلا عليه لكي يبحث عن كونه قطعيا أو ظنيا وانما المطلوب منه تحديد الموقف العملي للمكلف تجاه الحكم الواقعي عند عدم إمكان أثابته بدليل ومن هنا يكون قطعيا لأن فراغ الذّمّة به يكون قطعيا ولكنه مع ذلك لا يصح حشره ضمن الأدلة وقد جاءت في كلمات المحقق جمال الدين إشارة إلى مثل هذه التفرقة والتي كانت بحق بداية اختمار هذه الفكرة وعلى يد الأستاذ الوحيد البهبهاني ( قده ) وتلامذته خصوصا صاحب الحاشية على المعالم تحددت الفكرة وتنقحت أكثر حتى انا نجد ان صاحب الحدائق المعاصر للأستاذ الوحيد يستعرض في كتابه الدرة النجفية أدلة القائلين بأصل البراءة ويناقشها وهي كلها بروحية ان البراءة ذليل على الحكم ، ثم يقول في نهاية ذلك ومن هنا ذهب بعض متأخري المتأخرين ان البراءة ليست دليلا على الحكم وانما على نفي تكليفنا بالحكم ولعل نظره إلى المحقق جمال الدين أو إلى الوحيد البهبهاني ( قدهما ) وكان اختمار هذه الفكرة أحد الأمور التي جعلتنا نعتبر عصر الوحيد ومرحلته من تاريخ علم الأصول عصرا ثالثا من عصور هذا العمل وتاريخه وقد كان هذا فتحا كبيرا في منهجة بحوث علم الأصول وان كان ذلك لم ينعكس في التصنيفات المدونة الا على يد الشيخ الأنصاري ( قده ) حيث صنف كتابه « فرائد الأصول » حسب هذه المنهجة. وقد نقل فيه عن الوحيد انه سمى الأمارات بالأدلة الاجتهادية والأصول بالأدلة الفقاهتية وقال انه يرجع نكتة مراجعته إلى تعريف كل من الاجتهاد والفقه حيث يعرف الأول لأنه تحصيل العمل بالتكليف الشرعي وكأن الأستاذ الوحيد حمل لحكم الشرعي في الأول على الواقعي والا فالفقه الإمامي يا يعتمد على الظن بالحكم الواقعي من دون قطع بحجيته ، والثاني على الأعم منه ومن الظاهري بل ينبغي ان يراد به الأعم منهما ومن الوظيفة العقلية العملية وإلا فالفقه لا يكون دائما موجبا للعمل بالحكم الشرعي الواقعي. هذا مجمل تاريخ فكرة الأصل العملي.
المقدمة الثانية ـ في البحث عن حقيقة الأصل العملي الشرعي ثبوتا وفرقه عن الدليل الاجتهادي من زاوية الجاعل المشرع لهما.
وهذا البحث قد شرحناه مفصلا عند البحث عن الحكم الظاهري وكيفية الجمع بينه وبين الحكم الواقعي ، وحاصل ما ذكرناه هناك ان حقيقة الحكم