وثانيا ـ ان هذا العلم الإجمالي الّذي أبرزه لا يقتضي أكثر من تنجيز التكليف الحالي وعدم تفويت القدرة واما تفويت ما يكلف به في ظرفه المتأخر بعد حفظ القدرة فلا يمكن المنع عنه بذلك العلم الإجمالي وانما يتعين تنجز المنع عنه بنفس العلم الإجمالي في التدريجيات وهو إن كان منجزا لذلك نثبت تنجيزه لكلا طرفيه.
وثالثا ـ ان حفظ القدرة لا يجب الا فيما إذا كانت القدرة على الواجب في زمانه غير دخيلة في الملاك أي من شرائط الوجود لا الاتصاف والا لا يجب حفظها كما حققنا ذلك في بحث الواجب المشروط.
وهكذا يتضح ان الصحيح منجزية العلم الإجمالي بالتدريجيات بلا حاجة إلى إبراز مسألة حفظ القدرة (١).
١٠ ـ الاضطرار إلى بعض الأطراف :
إذا وقع الاضطرار إلى اقتحام بعض أطراف العلم الإجمالي فهنا حالتان :
الحالة الأولى ـ الاضطرار إلى طرف معين من أطراف العلم.
الحالة الثانية ـ الاضطرار إلى ارتكاب أحد الأطراف لا بعينه.
اما الحالة الأولى ـ فتارة يكون الاضطرار مقارنا أو قبل حصول سبب التكليف كما إذا اضطر إلى شرب الماء ثم علم بوقوع قطرة نجس اما فيه أو في الثوب ، وهنا لا يتشكل
__________________
(١) أفاد سيدنا الأستاذ ( قدسسره الشريف ) على هامش البحث ان هذا المطلب واضح جدا فيما إذا فرض عدم احتمال العالم بالإجمال تبدل علمه وعدم بقائه إلى حين مجيء زمان التكليف الاستقبالي ، واما إذا علم أو احتمل ذلك ـ كما إذا علم أو احتمل انه إلى ذلك الحين سوف يقابل المعصوم مثلا فيسأله عن الواقع ـ فهل يشفع ذلك لجريان الأصل الترخيصي في الطرف الحالي رغم علمه الإجمالي بالفعل أم لا؟.
قد يقال : بجريانه في صورة العلم بالتبدل بناء على ان المحذور هو قبح الترخيص في المعصية لأنه لا يلزم الترخيص في المخالفة القطعية لا بلحاظ الحال لأن الترخيص فيه مخالفة احتمالية ولا بلحاظ المستقبل لأنه سوف يتبدل علمه إلى الشك الساري فلا موضوع للأصل فيه ، نعم لو لم يعلم بتبدل العلم الإجمالي وانما احتمل ذلك فيكون من موارد الشبهة المصداقية للمخصص فلا يمكن التمسك بالأصل.
واما بناء على ان المحذور هو ارتكاز المناقضة فيحتمل بقاء محذور التناقض في الصورتين.
أقول : الظاهر ان الميزان ملاحظة زمان العلم فانه في هذا الزمان يكون الترخيص في الطرف الحالي مع كون الطرف الآخر موردا للترخيص أيضا في نفسه بلحاظ هذا الزمان وإن كان وقته متأخرا فيه محذور القبح العقلي أو التناقض العقلائي وليس المحذور في ترتب أثر الترخيص خارجا بالفعل ولا في العلم بفعلية الأصلين الترخيصيين في عمود الزمان.