لنكتة أخرى غير الواقع المشتبه مثل النبوي الدال على ان من ترك الشبهات كان لما استبان له اترك بناء على ما ذكرناه من ظهوره في إرادة النهي عن ارتكاب المشتبه لكي لا يتجرأ المكلف بالتدريج على مخالفة المولى حتى في المتيقن والبين غيه وإثمه وهذه نكتة أخرى تجعل الأمر بالاحتياط في مورد الشبهة نفسيا لا طريقيا ولا بأس بالالتزام بثبوته أيضا ان صح سنده فيثبت استحبابان للاحتياط أحدهما طريقي والآخر نفسي.
المقام الثاني ـ في الاحتياط في العبادات ، والبحث هنا في كيفية تصويره صغرويا بعد ان فرغنا عن حسنه واستحبابه كبرويا في المقام السابق ، ووجه الإشكال ينشأ من لزوم قصد الأمر في العبادة وهو لا يتأتى مع الشك وعدم العلم بالأمر الا بنحو التشريع المحرم والمبطل للعبادة.
وهذا الإشكال لا مأخذ له بناء على ما هو الصحيح فقهيا من ان اللازم في صحة العبادة مطلق الداعي القربي فان الانبعاث عن احتمال الأمر داع قربي إلهي لأنه مظهر من مظاهر الإخلاص ذاتا للمولى وكل ما هو مظهر للإخلاص للمولى يوجب التقرب ذاتا إليه أيضا بلا حاجة إلى جعل ، ولم يناقش فيه أحد وانما ناقش بعضهم في كفاية مع إمكان العلم بالأمر والتقرب الجزمي به فمع فرض عدم إمكان ذلك لا مجال لتوهم الإشكال أصلا من دون فرق بين ان يكون وجوب القربة عقليا لاستحالة أخذه تحت الأمر أو بحكم الشارع نفسه.
وانما الإشكال ينشأ على فرض اشتراط قصد الأمر الجزمي شرعا في صحة العبادة مع الإمكان. وهنا تارة يفترض فقهيا اشتراط قصد الأمر الجزمي المتعلق بالعبادة ، وأخرى يفترض كفاية قصد الأمر الجزمي ولو كان متعلقا بعنوان ثانوي منطبق على العبادة اما على الأول فلا إشكال في سقوط التكليف حينئذ وارتفاع موضوعه لأن كل تكليف مشروط بالقدرة عل متعلقه ومع عدم وصول الأمر لا يتمكن المكلف من العبادة فيقطع بعدمه لا محالة من دون فرق أيضا بين المسلكين في شرطية قصد القربة.
واما على فرض كفاية قصد مطلق الأمر المنطبق على العبادة فقد يقال بإمكان الاحتياط نظرا إلى وجود الأمر الجزمي الاستحبابي المتعلق بالاحتياط. وقد يقال بعدم إمكانه لأن الأمر الجزمي قد تعلق بعنوان الاحتياط فلا يمكن قصده الا بإتيان متعلقه