الجهة الرابعة ـ في شمول اخبار من بلغ للخبر الدال على كراهة فعل ورجحان تركه ، والبحث عن ذلك يقع تارة في أصل اختصاصها بما يدل على الاستحباب أو شمولها لموارد الكراهة ، وأخرى في ان الثابت بها في موارد الكراهة مجرد رجحان الترك أو تثبت بها كراهة الفعل أيضا ، وثالثة في ما إذا دل خبر على الاستحباب وآخر على الكراهة.
فهذه مقامات ثلاثة :
اما المقام الأول ـ فقد يستشكل في شمول هذه الاخبار لموارد الكراهة لا من جهة ان النّظر فيها إلى الطلب لا الزجر والمنع ليقال بان هذا لا يأتي فيما يكون بلسان الحث والترغيب أو يقال بأنه متفرع إلى ان يكون الأمر بعثا والنهي زجرا لا طلب الترك ، بل من جهة انصراف ألسنتها بقرينة قوله ( فعمله ) إلى الفعل ونحوه لا إلى محض الترك والأمر العدمي. وهذا الاستشكال لو تم استوجب عدم شمولها لما إذا ثبت استحباب ترك فعل بخبر ضعيف أيضا فلا يختص الإشكال بالمكروهات.
والصحيح : ان العرف بحسب المناسبات المرتكزة في ذهنه يلغي خصوصية الفعل والترك ويفهم من هذه الاخبار ان تمام النكتة والموضوع لهذا الحكم هو بلوغ الخير والثواب على شيء سواء كان فعلا أو تركا وجوديا أو عدميا.
واما المقام الثاني ـ فالظاهر ان الّذي يثبت بهذه الاخبار مجرد رجحان الترك في مورد المكروهات ومطلوبيته ولا يثبت بالخبر الضعيف الكراهة ، وهذا بناء على استفادة الاستحباب النفسيّ من هذه الاخبار لعنوان البلوغ واضح ، فان استفادة الاستحباب في مورد خبر الاستحباب والكراهة في مورد خبر الكراهة خلاف ظهورها في جعل سنخ واحد من الحكم ، واما بناء على استفادة جعل الحجية منها فائضا كذلك لأنها تثبت الحجية بمقدار بلوغ الثواب لا أكثر أي تثبت رجحان الترك الجامع بين استحبابه ذاتا أو تبعا وباعتباره نقيض المكروه ولا يثبت الكراهة بعنوانها وخصوصيتها (١)
__________________
(١) الظاهر اننا لو حملنا الاخبار على بيان الحكم الطريقي الظاهري فيكون ظاهرها بحسب المناسبات المركوزة انها للتحفظ على نفس الأحكام الواقعية المشتبهة من الاستحباب تارة والكراهة أخرى ، بل ظهورها في إثبات نفس الثواب الّذي أبلغه الخبر الضعيف من حيث نوع الحكم يقتضي ثبوت نفس النوع من الثواب المبلغ بالخبر الضعيف من حيث سببه وملزومه من الاستحباب تارة والكراهة أخرى والحكم الطريقي الظاهري واحد سنخا في تمام الموارد وليس من قبيل الحكم النفسيّ ليستبعد.