المشاكل المثارة في فقه لا ضرر :
الجهة الخامسة ـ في استعراض المشكلات التي أثيرت في مقام اقتناص المدلول النهائيّ من الحديث بعد فرض إمكان نفي الحكم الضرري به ، وهي كما يلي :
الأول ـ ان الحديث على هذا يبتلي بتخصيص الأكثر ، لأن كثيرا من الأحكام الفقهية تستبطن الضرر كالحدود والدّيات والقصاص والضمان والخمس والزكاة والجهاد والحج وغير ذلك فلا بد من ان يراد منه معنى آخر غير نفي الحكم الضرري ، ومن هنا ذهب بعضهم إلى إجمال الحديث وعدم إمكان العمل به ، وبعضهم إلى انه يعمل به في حدود ما عمل به المشهور. وأجاب عن الإشكال آخرون بان الحديث باعتباره حاكما على أدلة الأحكام الأولية ينظر إلى تحديد إطلاقاتها لا أصلها فلا يشمل الأحكام المذكورة التي تكون ضررية بحسب طبعها.
الثاني ـ ان الحديث طبق في مسألة الشفعة في بعض رواياته مع ان بيع الشريك لحصته لا يكون ضررا على شريكه إلاّ نادرا وبنحو قد يكون مقدمة إعدادية للضرر كما إذا كان المشتري رجلا خبيثا قد يضر بالشريك الأول ، ومثل هذه المقدمات الإعدادية للضرر لا تمنع عن ترتب الحكم الشرعي جزما.
وقد أجيب عن ذلك تارة بان ذلك من الجمع في الرواية المروي فلا يرتبط حديث لا ضرر بحكم الشفعة ، وأخرى بان الضرر في باب الشفعة من باب الحكمة لا العلّة ، وثالثة بان لا ضرر تفريع على حكم الشفعة لا علّة له أي باعتبار ان حق الشفعة مجعول للشريك فلا يترتب ضرر على بيع الشريك خارجا لإمكان فسخه من قبل الشريك الأول ، وعلى هذا فيسقط الاستدلال بهذا الطريق للحديث على القاعدة.
الثالث ـ ان الحديث طبق في بعض طرقه على مسألة منع فضل الماء مع انه ليس بضرر على الثاني وانما هو من باب عدم النّفع ، فهل يراد بالضرر مجرد عدم النّفع وكيف يمكن ان يلتزم بذلك؟ بل هنا لا يمكن ان يكون الضرر حتى حكمة للحكم بحرمة منع فضل الماء ، ومن هنا جعل بعضهم ذلك أيضا من باب الجمع في الرواية لا المروي.
الرابع ـ ان تطبيق الحديث على قضية سمرة بن جندب أيضا لا يخلو من إشكال لأن