الشريعة ، كما انَّ تلك الأحكام على القول بضرريتها لا تكون مخصصة بعنوان الحكم الضرري من أصله بل بعناوينها التفصيلية حسب تلك الأبواب الفقهية المتنوعة.
الأمر الثالث ـ واما كيفية انطباق القاعدة على قصة سمرة بن جندب مع الأنصاري وتجويز قطع عذقه من قبل الأنصاري فقد يذكر بصدد ذلك ما عن الشيخ الأعظم ( قده ) من انَّ صعوبة فهم هذا التطبيق لا يمنع من التمسك بأصل القاعدة في نفسها ، إلاّ انَّ هذا المطلب غير تام إذا كان الاعتماد في سند هذه القاعدة على الحديث الناقل لقصة سمرة لكونه الصحيح فقط ، لأنَّ إجمال المورد المطبق فيه القاعدة في هذا الحديث يسري لا محالة إلى أصل القاعدة إذ لعل فهم المورد ونكتة التطبيق فيه يغير من ظهور القاعدة نفسها.
والمحقق النائيني ( قده ) جعل تطبيق القاعدة في الحديث بلحاظ الحكم الأول وهو المنع عن الدخول بلا استئذان لا بلحاظ قلع العذق فانه حكم آخر صدر من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بوصفه ولي الأمر تأديباً لسمرة بن جندب.
وهذا الفهم للحديث أيضاً غير تام ، لأنه خلاف ظاهر الحديث لأنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أولا امر سمرة بالاستئذان من الأنصاري فلم يقبل ثم أراد ان يشتري منه العذق فلم يقبل أيضاً فقال حينذاك للأنصاري اقلعه وارم بها وجه صاحبه فانه لا ضرر ولا ضرار ، وهذا واضح الظهور في انه تعليل للحكم بالقطع.
والتحقيق ان يقال : انَّ كل هذا البحث انما يتجه بناءً على توهم انَّ تطبيق القاعدة في هذا الحديث على قصة سمرة بن جندب انما هو بلحاظ فقرة ( لا ضرر ) مع ان الصحيح ان التطبيق بلحاظ فقرة ( لا ضرار ) كما يؤيده ما ورد في بعض أسانيد القاعدة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لسمرة انك رجل مضار ، أو ما أراك يا سمرة إلاّ مضارا بناء على ان الضرار مصدر لضار ، والضرر مصدر لضر. واما كيفية تطبيق لا ضرار على الحكم بقلع العذق فسوف يأتي بيانه مفصلا في الجهة القادمة.
ثم ان الحكم الأول في الحديث وهو لزوم الاستئذان من قبل سمرة في الدخول على عذقه هل يمكن تخريجه على أساس قاعدة لا ضرر أم لا؟.
ذكر المشهور في تخريج ذلك بان حق سمرة في الدخول في صورة عدم الاستئذان ضرري فينفي بالقاعدة.