والمحقق العراقي ( قده ) أشكل على هذا الكلام من المحقق النائيني ( قده ) بإشكال الدور ، فان الإقدام على الضرر فرع ثبوت الضمان الّذي هو فرع عدم جريان قاعدة لا ضرر الّذي هو فرع الإقدام على الضرر وهذا دور ، وسوف يأتي التعليق على هذا الإشكال.
وذكر في مطلق الضمان والقصاص بأنه من موارد تعارض الضررين ، فان عدم الضمان ضرر على المضمون له وعدم القصاص ضرر على ولي الدم ، والحديث لا يشمل موارد تعارض الضررين.
وفيه : ان هذا في القصاص معقول باعتبار ان الاقتصاص ضرر حقيقي على المقتص منه من دون ان يكون في طول جعل حق عقلائي في المرتبة السابقة وعدم القصاص أيضا ضرر على ولي الدم في طول جعل حق الاقتصاص له ارتكازا وعقلائيا ، واما في الضمان فحيث ان الضمان ليس نقصا حقيقيا على الضامن بل هو نقص في طول فرض حق عقلائي وهو تسلط الإنسان على ذمته حتى في قبال من أتلف ماله فكونه من تعارض الضررين فرع افتراض حق للمضمون له على ذمة الضامن في المرتبة السابقة ليكون عدمه ضررا عليه ، ومثل هذين الفرضين لا يمكن تحققهما معا لأن العقلاء اما ان يفترضوا التحقق والسلطنة للضامن على ذمته أو للمضمون له ولا يمكن افتراض جعلهما معا فانهما متضادان ومعه لا يعقل ان يكون باب الضمان من تعارض الضررين (١).
وفي الدراسات عبارة يحتمل ان يراد منها ان التخصيصات المذكورة كانت معلومة لدى المخاطبين لوضوحها في الشريعة ، فان الرواية لم ترد في أوائل التشريع فلا قبح ولا استهجان في كثرتها لكونها كالمتصل ، ويحتمل ان يراد منها ما تقدم عن الشيخ من كون التخصيصات بعنوان واحد هو الأحكام الضررية من أصلها فلا يكون مستهجنا.
وكلا المطلبين غير تام ، فان مجرد معلومية الأحكام الضررية لدى المخاطب لا يرفع استهجان المخاطبة بعموم من قبيل لا ضرر ولا ضرار ما لم يكن قرينة متصلة صارفة لأصل الظهور في الخطاب إلى معنى آخر لا يشمل تلك الموارد والثابت فيها الحكام ضررية في
__________________
(١) الظاهر ان صدق الضرر على المضمون له في فرض عدم الضمان انما هو بلحاظ خسارته للمال التالف لأنه كان مملوكا له من الأول الأمر لا بلحاظ حق له على ذمة الضامن.