العالم وهو بديهي البطلان كما ذكرنا سابقا فلا بد من رفع اليد عن بعض هذه الظهورات.
والظهورات الثلاثة الأخيرة وإن كانت أضعفها فتتعين هي في مقام السقوط ولكن هذا المقدار لا يكفي في تعيين المقصود ، إذ تتردد الأمر بين هذه الظهورات الثلاثة ولا معين لأحدهما قبال الآخرين ، نعم لو كانت كلمة ( في الإسلام ) ثابتة أمكن رفع اليد عن الظهور الخامس وإرادة نفي الوجود الاستساغي في الشريعة كما في ( لا رهبانية في الإسلام ) إلاّ ان هذا لم يثبت في سند صحيح.
هذا ولكن الصحيح تعين الظهور الأخير للسقوط في قبال الظهورات السابقة لا لمجرد كونه ظهورا إطلاقيا وهو أضعف عادة من الظهورات الوضعيّة ، أو كونه إطلاقا في طرف الموضوع فيرفع اليد عنه في أمثال المقام لا عن الظهورات الوضعيّة في طرف المحمول والحكم كما هو منقح في بحوث التعارض ، بل لقيام القرينة المتصلة على ذلك أيضا لبداهة وجود الإضرار التكوينية في الخارج كثيرا وظهور كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه صادر عنه بما هو مشرع ومقنّن فلا يكون نظره إلى الإضرار التكوينية التي لا ربط لها بالشريعة أصلا ، وهذا يشكل قرينة لبّية متصلة بالخطاب مانعة عن انعقاد أصل الظهور الأخير الإطلاقي دون الظهورات الوضعيّة الأخرى لكونها اقتضائية لا سكوتية كما هو منقح في بحث التعارض (١).
__________________
(١) الإنصاف ان هذا القرينة المقامية نسبتها إلى الظهورات المذكورة على حد واحد لا انها تعين ان يكون المراد من الضرر المنفي هو الوجود الحقيقي منه مع تقييده بالناشئ من الحكم الشرعي ، لأن هذه القرينة لا تقتضي أكثر من ان المتكلم وهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس ناظرا إلى نفي الإضرار التكوينية ولا يناسبه ذلك بل لا محالة ناظر إلى عالم تشريعاته ، وحينئذ إن لم يدع بان هذا يجعل كلامه ناظرا إلى عالم التشريع ووعائه أو عالم الاستساغة التشريعية أو ان المراد من الضرر منشأه الشرعي ـ المعنى الطريقي للضرر ـ فلا إشكال في ان إرادة ذلك ليس بأخفى من إرادة الوجود الخارجي للضرر المقيد بل لعل هذا المعنى لا يخلو من ركاكة تنشأ من إطلاق الضرر الخارجي وإرادة قسم معين منه.
وان شئت قلت : ان تعيين وعاء النّظر وانه عالم التشريع أو الاستساغة ونحو ذلك من العنايات هي أيضا كالدلالة الإطلاقية ليست دلالة لفظية فالتصرف فيها بإرادة الاخبار عن عالم التشريع أو إرادة موضوع تشريعي ليس بأكثر مخالفة من تقييد الضرر الخارجي بالناشئ من حكم الشارع إن لم يكن أخف مئونة بحسب نظر العرف وأبلغ فيتعين ان يكون المنفي هو الوجود الاستساغي والتشريعي للضرر أو إرادة المعنى الطريقي منه كما ذكره الميرزا ( قده ).