عناية انَّ عنوان الضرر منطبق عرفاً على العقد الغبني ـ الموضوع الضرري ـ أو الوضوء الضرري ـ المتعلق الضرري ـ حقيقة باعتباره مسببا توليديا عنهما ، وان انطباق ذلك عليهما كأنّه نحو وجود للضرر في لوح التشريع وإن لم يكن التشريع حكما لعنوان الضرر بل لمعنونه ، وامّا إذا أريد نفي حكم الضرر الحقيقي أي نفس الحالة الضررية والنقص فلا يصح نفي وجوده الاعتباري في لوح التشريع لما مضى من كونه مشروطا بكون الحكم المقصود نفيه ممّا يترقب ثبوته له ولو لثبوته في الشرائع السابقة أو لدى العقلاء ، وليس للضرر حكم يترقب ثبوته له عدا الحرمة ونفيها خلاف المقصود.
الثاني ـ نفي الوجود الاستساغي للضرر من قبيل ( لا رهبانية في الإسلام ) وهذا ينتج تحريم الضرر والإضرار وعدم جواز إيقاعه خارجا ـ وهو أحد التخريجاب المتقدمة للاتجاه الفقهي الثاني ـ وهل يمكن ان نستنتج بناء على هذا التخريج نفي الأحكام الضررية أيضا ـ أي الاتجاه الفقهي الأول ـ؟
الصحيح : إمكان ذلك لأن وجود أحكام تستوجب الضرر خارجا كالوضوء الضرري أيضا نحو استساغة من قبل الشريعة للضرر كما لو كانت للشريعة أحكام تستوجب الرهبنة بحسب النتيجة فيكون نفي الوجود الاستساغي للضرر رفعا لها بلسان نفي موضوعها ولو باعتبار ان عنوان الضرر ينطبق على موضوعاتها بالعناية المتقدمة عن الميرزا فيكون من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع (١).
الثالث ـ نفي الوجود الخارجي للضرر لنفي حكمه الاستساغي ، فهذا ينتج كالاحتمال السابق حرمة الإضرار ، واما نفي الأحكام الضررية ـ الاتجاه الفقهي الأول ـ فاستفادته من هذا التخريج مبني على إعمال العناية المتقدمة عن الميرزا وان
__________________
(١) الإنصاف ان عناية نفي الوجود الاستساغي للضرر والّذي يكون على وزان ( لا جدال ولا فسوق في الحج ) غير عناية نفي استناد الضرر إلى الشارع ونشوئه من حكمه ولا يمكن الجمع بينهما معا لأن ملاك العناية الأولى ملاحظة المكلف الملتزم بحدود الشريعة وأفعاله الممسوح بها ولهذا تختص هذه العناية بخصوص العناوين التي تكون أفعالا للمكلفين كعنوان الجدال والفسوق والرهبنة بينما ملاك العناية الثانية ملاحظة نتائج نفس الأحكام مع قطع النّظر عن افعال المكلفين بل ما يتولد من التشريع قد لا يكون فعلا للمكلف أصلا ولهذا تستخدم هذه العناية عادة في عناوين لا تكون فعلا من افعال المكلفين كعنوان الحرج والعسر والضرر ونحو ذلك وبهذا يظهر ان فقرة ( لا ضرر ) لا يستفاد منها أكثر من نفي الحكم الضرري نعم فقرة ( لا ضرار ) تناسب أن يكون النفي فيها بلحاظ الوجود الاستساغي للضرار لكونه فعلا للمكلف فيستفاد منها حرمة الإضرار وبهذا يندفع إشكال لزوم التكرار الّذي أشير إليه في تفسير مادة الضرار لو أريد به الضرر المتعمد فتأمل جيدا.