بل لا يعقل ذلك في حقه لأنه لو كان يتحرك من الأمر بالتمام لتحرك من اعتقاده بذلك وإلاّ فلا يتحرك من الأمر الترتبي ، بل لا يعقل تحركه منه لأنه لا يعقل إحرازه له إذ لو أحرز انه نفس الأمر بالتمام الّذي اعتقده كان من تأخر الشيء عن نفسه بحسب عالم اللحاظ وهو محال ، وإن أحرز انه امر آخر بالتمام لزم اجتماع المثلين في نظره فهذا الاعتراض متجه في المقام على كل حال.
هذا كله في كيفية تصوير صحة المأتي به جهلاً ثبوتاً مع كون المكلف معاقباً على جهله بالقصر أو الجهر والإخفات ، وامّا البحث عن مقام الإثبات فهو في ذمة علم الفقه.
السادس ـ إذا شك المكلف في دخول مسألة لم يتعلم حكمها في محل ابتلائه في المستقبل أم لا ، فالظاهر وجوب التعلم بمعنى منجزية احتمال التفويت الناجم عن ترك التعلم عقلا وشرعا تمسكا بإطلاق اخبار التعلم.
وقد يقال في قبال ذلك بجريان استصحاب عدم الابتلاء مستقبلاً بذلك نظراً إلى انَّ الاستصحاب كما يجري بلحاظ ما سبق يجري بلحاظ المستقبل أيضا إذا تمت أركانه على ما يأتي في بحث الاستصحاب وعدمه وبذلك ينفي موضوع وجوب التعلم.
وأشكل عليه السيد الأستاذ بأنَّ عدم الابتلاء ليس حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي لأنَّ وجوب الفحص وعدمه ليس دائراً مدار الابتلاء الواقعي وعدمه وانما يدور مدار العلم بعدم الابتلاء وعدمه حيث انه يخرج من إطلاق اخبار التعلم ما يعلم بعدم الابتلاء به لظهورها في انَّ إيجاب التعلم حكم طريقي لا نفسي ، فان قلنا بأنه يشترط في المستصحب ان يكون حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي لم يجر هذا الاستصحاب ، وإن أنكرنا ذلك واكتفينا بان يترتب على الاستصحاب أثر عملي وقلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي جرى الاستصحاب لأنه يحقق علماً تعبدياً بعدم الابتلاء فيكون حاكما على دليل وجوب الفحص المقيد بعدم العلم بعدم الابتلاء. نعم قد يلزم من ذلك محذور إلغاء اخبار التعلم إذ أكثر الشبهات والمسائل يحتمل فيها المكلف عدم ابتلائه به في أول بلوغه ، فلو أريد الاعتماد على ذلك ادى إلى شبه إلغاء اخبار التعلم فلا بدَّ من تقديمها على دليل الاستصحاب.
والتحقيق ان يقال : تارة يفرض فعلية التكليف وانما الشك في الابتلاء به من