لأنه لا يقول بالانحلال الحكمي بتنجز أحد طرفي العلم الإجمالي بعلم إجمالي سابق زمانا ، بل العلم السابق بوجوده البقائي مع العلم الإجمالي الحادث بوجوده الحدوثي يؤثران في عرض واحد ، وانما يقول بالانحلال إذا وجد منجز تفصيلي في أحد طرفي العلم الإجمالي ، فلو كان ما نحن فيه من هذا القبيل لتم ما ذكر من الانحلال على مسلك العلية أيضا لكنه ليس كذلك لأنه وان علم قبل الركوع بأنه يجب عليه إتمام الركوع وما بعده اما فقط أو مع السورة أي استقلالا أو ضمنا لكنه بعد ان ركع سقط عنه الوجوب الضمني بالمخالفة بترك السورة ـ ولو بمعنى سقوط الفاعلية ـ فلم يبق منجز لذلك الا طرفيته للعلم الإجمالي بالوجوب الضمني أو الاستقلالي واحتمال انطباق المعلوم بالإجمال فيه ، واحتمال ذلك كاحتمال انطباق المعلوم بالعلم الإجمالي الآخر الحاصل بعد الركوع عليه فهما يؤثران في عرض واحد ، نعم بناء على ما هو الصحيح من الانحلال الحكمي وجريان الأصل عن أحد طرفي العلم الإجمالي إذا كان طرفه الآخر لا يجري فيه الأصل لتنجزه في نفسه يكون هذا الجواب فنيا.
المانع الخامس ـ وهو يبتني أيضا على مبنى فقهي مشهور في العبادات من انه لا بد من قصد الأمر المتعلق بالعبادة فلو قصد امرا آخرا وهميا على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق بطل العمل ، فانه يقال في المقام بان العلم الإجمالي في المقام سوف يكون دائرا بين عامين من وجه لا أقل وأكثر ، وتوضيح ذلك ضمن متقدمتين :
الأولى ـ ان الواجب تارة يدور امره بين المتباينين كالظهر والجمعة ، وأخرى بين عامين من وجه كإكرام العادل وإكرام الهاشمي ، وثالثة بين الأقل والأكثر ،
__________________
وجوب إتمام الصلاة التي ركع فيها بلا سورة وهو وجوب آخر للإتمام لكونه فردا آخر للإتمام أو قل حرمة أخرى للقطع لكونه فردا آخر من القطع فموضوع هذا الحكم هو الصلاة التي ركع فيها من دون سورة وهي باعتبار الشك في صحتها واقعا يشك من أول الأمر في وجوب إتمامها ، فهذا الجواب نشأ من افتراض حرمة القطع حرمة واحدة لها موضوع واحد هو الصلاة التي شرع فيها.
على ان هذا الجواب لا ينفع إذا كان الجزء المشكوك في أول الصلاة أو شك في شرط من شروط الصلاة من أولها ، لأنه سوف يتشكل من أول الأمر علم إجمالي دائر بين متباينين.
ثم انه ربما يحاول إبطال هذا العلم الإجمالي الدائر بين المتباينين باستصحاب وجوب الإتمام الّذي ينجز أحد طرفي العلم الإجمالي فيوجب انحلاله حكما. ولكن يرد على هذا الوجه :
أولا ـ عدم تماميته فيما إذا كان الجزء المشكوك في أول الصلاة للشك في وجوب الإتمام حينئذ من أول الأمر.
وثانيا ـ ما تقدم من ان الواجب ليس هو عنوان الإتمام بل واقعه والّذي عرفت انه متعدد بحسب تعدد الاجزاء وقيود الواجب ، وما يشك في وجوب إتمامه منها يكون مشكوكا من أول الأمر وما يكون متيقنا لا شك فيه بقاء أيضا.