الدائر بين المتباينين الّذي يحصل بعد الشروع في العبادة باعتبار حرمة القطع ووجوب الإتمام.
نعم هنا كلام آخر وجيه مبتن على دعوى فقهية ، هي ان حرمة قطع الصلاة موضوعها الصلاة التي يجوز للمكلف بحسب وظيفته الفعلية الاقتصار عليها في مقام الامتثال ، إذ لا إطلاق في دليل الحرمة لما هو أوسع مع ذلك ، ومن الواضح ان انطباق هذا العنوان على الصلاة المفروضة فرع جريان البراءة عن وجوب الزائد والا لما جاز الاقتصار عليها عملا ، وهذا يعني ان حرمة القطع مترتبة على جريان البراءة عن الزائد فلا يعقل ان تكون أصالة البراءة عنها معارضة مع أصالة البراءة عن وجوب الزائد.
الثاني ـ ان هذا العلم الإجمالي الحاصل بعد شروعه في الصلاة بوجوب إتمام ما بيده أو وجوب الإتيان بصلاة أخرى مع الزائد أحد طرفيه منجز في نفسه وهو وجوب إتمام ما بيده أي الإتيان بسائر الاجزاء من أول الأمر لأنه قبل إخلاله بالجزء المشكوك كان يعلم بوجوب إتمام هذه الصلاة اما بالإتيان بالجزء الزائد مع سائر الاجزاء ـ إذا كان الواجب هو الأثر ـ أو بالإتيان بسائر الاجزاء ـ إذا كان الواجب هو الأقل ـ وهذا علم إجمالي بوجوب الإتمام مردد بين الأقل والأكثر وينحل إلى العلم بوجوب الإتيان بسائر الاجزاء على كل حال لأن في تركها إبطالا للصلاة وهذا يعني ان الإتيان بسائر الاجزاء في هذه الصلاة بعد الركوع منجز عليه كل حال فلا أثر للعلم الإجمالي بوجوبه أو وجوب الإتيان بصلاة أخرى مع السورة لأن أحد طرفيه متنجز في نفسه في المرتبة السابقة والمتنجز لا يتنجز فيجري الأصل عن الطرف الآخر بلا محذور.
وهذا الوجه لا يتم على مسالك المحقق العراقي ( قده ) في منجزية العلم الإجمالي (١)
__________________
(١) بل لا يتم حتى على مسلك الاقتضاء لأن حرمة قطع الصلاة أو وجوب إتمامها حكم انحلالي موضوعه كل صلاة صحيحة بيد المكلف خارجا إذ لا إشكال في عدم وجوب إتمام الفرد الباطل من الصلاة خارجا بل لا يعقل إتمامه فينحل هذا الحكم بعدد الصلوات الخارجية وحالات المكلف فيها ، وحينئذ إن قيل بان الموضوع الصلاة الصحيحة بحسب الظاهر والوظيفة كان هذا الحكم في طول تحديد الوظيفة في المقام بالأصل العملي الجاري عن الأكثر فلا يعقل أن يكون الأصل فيه معارضا مع البراءة عن الأكثر كما تقدم. وإن كان الموضوع الصلاة الصحيحة واقعا فالمكلف قبل إتيانه بالركوع وإن كان يتشكل له علم إجمالي دائر بين الأقل والأكثر ، إذ يعلم بأنه اما يجب عليه الإتيان بالسورة فما بعدها أو بالركوع فما بعده وهو ينحل إلى العلم بإتيان الركوع وما بعده على كل حال ، الا ان هذا الوجوب موضوعه ما بيده من الصلاة المعلوم صحتها قبل الركوع فهو يعلم بوجوب إتمام الصلاة التي لم يركع فيها اما بإتيان السورة وما بعدها أو الركوع وما بعده وهو في هذا الحال يعلم بوجوب الإتيان بالركوع فما بعده عليه اما مع السورة أو بدونها فلا يمكنه إجراء البراءة عنه ، الا ان هذا الوجوب ليس هو الطرف للعلم الإجمالي الدائر بين المتباينين وانما طرفه.